٩٣٠ - وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي، إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ، فَاحْمَدِ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَصَلِّ عَلَيَّ، ثُمَّ ادْعُهُ "، قَالَ: ثُمَّ صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّهَا الْمُصَلِّي، ادْعُ تُجَبْ» "، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ نَحْوَهُ.
ــ
٩٣٠ - (وَعَنْ فَضَالَةَ) : بِفَتْحِ الْفَاءِ (ابْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَقَالَ) ، أَيْ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ أَوْ بَعْدَهَا: ( «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَجِلْتَ» ") : بِكَسْرِ الْجِيمِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ، وَالتَّشْدِيدُ، قَالَهُ الْأَبْهَرِيُّ، أَيْ حِينَ تَرَكْتَ التَّرْتِيبَ فِي الدُّعَاءِ، وَعَرَضْتَ السُّؤَالَ قَبْلَ الْوَسِيلَةِ، قَالَ الْإِمَامُ الزَّاهِدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسَارَعَةِ وَالْعَجَلَةِ، أَنَّ الْمُسَارَعَةَ تُطْلَقُ فِي الْخَيْرِ، أَيْ: غَالِبًا وَفِي الشَّرِّ أَيْ أَحْيَانًا وَالْعَجَلَةُ لَا تُطْلَقُ إِلَّا فِي الشَّرِّ، وَقِيلَ: الْمُسَارَعَةُ الْمُبَادَرَةُ فِي وَقْتِهِ وَأَوَانِهِ، وَالْعَجَلَةُ الْمُبَادَرَةُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ وَأَوَانِهِ، (" أَيُّهَا الْمُصَلِّي ") : فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مِنْ حَقِّ السَّائِلِ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَى الْمَسْئُولِ مِنْهُ بِالْوَسَائِلِ قَبْلَ طَلَبِ الْحَاجَةِ، بِمَا يُوجِبُ الزُّلْفَى عِنْدَهُ، وَيَتَوَسَّلَ بِشَفِيعٍ لَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَكُونَ أَطْمَعَ فِي الْإِسْعَافِ، وَأَرْجَى بِالْإِجَابَةِ، فَمَنْ عَرَضَ السُّؤَالَ قَبْلَ الْوَسِيلَةِ فَقَدِ اسْتَعْجَلَ، وَلِذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَدِّبًا لِأُمَّتِهِ: (" إِذَا صَلَّيْتَ ") : بِالْخِطَابِ الْخَاصِّ الْمُرَادِ بِهِ الْعَامُّ (" فَقَعَدْتَ ") : قَالَ الطِّيبِيُّ: إِمَّا عَطَفَ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ: إِذَا صَلَّيْتَ وَفَرَغْتَ فَقَعَدْتَ لِلدُّعَاءِ فَاحْمَدِ اللَّهَ، وَإِمَّا عَطْفٌ عَلَى الْمَذْكُورِ، أَيْ: إِذَا كُنْتَ مُصَلِّيًا فَقَعَدْتَ لِلتَّشَهُّدِ فَاحْمَدِ اللَّهَ، أَيْ: أَثْنِ عَلَيْهِ بِقَوْلِكَ التَّحِيَّاتُ اهـ.
وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ إِطْلَاقُ قَوْلِهِ: (" فَاحْمَدِ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ") : مِنْ كُلِّ ثَنَاءٍ جَمِيلٍ، وَاشْكُرْهُ عَلَى كُلِّ عَطَاءٍ جَزِيلٍ (" وَصَلِّ عَلَيَّ ") : وَفِي رِوَايَةٍ: " ثُمَّ صَلِّ عَلَيَّ "، فَإِنِّي وَاسِطَةُ عِقْدِ الْمَحَبَّةِ، وَوَسِيلَةُ الْعِيَادَةِ، وَالْمَعْرِفَةِ (" ثُمَّ ادْعُهُ ") : بَهَاءِ الضَّمِيرِ، وَقِيلَ: هَاءِ السَّكْتِ (قَالَ) ، أَيِ: الرَّاوِي (ثُمَّ صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ) : قِيلَ: لَعَلَّهُ ابْنُ مَسْعُودٍ لِلْحَدِيثِ الْآتِي عَقِبَ هَذَا (بَعْدَ ذَلِكَ) : فِي ذَلِكَ الْمُحَلَّى أَوْ بَعْدَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ (فَحَمِدَ اللَّهَ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، أَيْ: وَلَمْ يَدْعُ ( «فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّهَا الْمُصَلِّي ادْعُ تُجَبْ» ") : عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ مَجْزُومًا عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ، دَلَّهُمَا عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْكَمَالِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : وَقَالَ: حَسَنٌ، وَفِي نُسْخَةٍ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، نَقَلَهُ مِيرَكُ، (وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ نَحْوَهُ) : أَيْ: بِمَعْنَاهُ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ فَضَالَةَ أَيْضًا. [وَهُوَ] «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَمَعَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " عَجِلَ هَذَا " ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدْعُو بَعْدُ، بِمَا شَاءَ» ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَكَذَا صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ، وَابْنُ حِبَّانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute