للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّ لَفْظَ: " تَمَامَ " إِمَّا مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لِقَالَ، لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى جُمْلَةٌ، إِذْ مَا بَعْدَهُ عَطْفُ بَيَانٍ، أَوْ بَدَلٌ أَوْ خَبَرٌ مَحْذُوفٌ، فَصَحَّ كَوْنُهُ مَقُولَ الْقَوْلِ، وَالْمُرَادُ مِنْ " تَمَامَ الْمِائَةِ " مَا تُتِمُّ بِهِ الْمِائَةُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَصْبُهُ بِالظَّرْفِيَّةِ، أَيْ: فِي وَقْتِ تَمَامِ الْمِائَةِ، أَيْ: عِنْدَ إِرَادَةِ تَمَامِهَا، وَالْعَامِلُ فِيهِ لَفْظُ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فَلَفْظَةُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَلٌ مِنْ سَبَّحَ، وَقَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ وَالْأَبْهَرِيُّ: فِيهِ ضَمِيرٌ يَعُودُ إِلَى مَنْ سَبَّحَ، أَوْ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَخْ، فَيَكُونُ تَمَامُ مَعَ خَبَرِهِ حَالًا مِنْ ضَمِيرٍ سَبَّحَ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: حَالَ كَوْنِ تَمَامِ مِائَةٍ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِ، فَلَفْظَةُ قَالَ عَلَى هَذَا تَكُونُ لِلرَّاوِي، وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَعَلَيْهِمَا الْجَزَاءُ، إِنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الشَّرْطِ إِذَا وَقَعَ تَمَامُ الْمِائَةِ التَّهْلِيلُ الْمَذْكُورُ، (" وَحْدَهُ ") : جَوَّزَ الْكُوفِيَّةُ كَوْنَ الْحَالِ مَعْرِفَةً، وَالْبَصْرِيَّةُ أَوَّلُوهَا بِالنَّكِرَةِ وَقَالُوا: مَعْنَاهُ مُنْفَرِدًا أَيْ بِالْأُلُوهِيَّةِ، (" لَا شَرِيكَ لَهُ ") : فِي الرُّبُوبِيَّةِ وَالْمَعْبُودِيَّةِ (" لَهُ الْمُلْكُ ") : جِنْسُ الْمُلْكِ، يُعْطَى مِنْهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَنْزِعُهُ مِمَّنْ يَشَاءُ (" وَلَهُ الْحَمْدُ ") : الْمَصْدَرِيَّةُ الشَّامِلَةُ بِمَعْنَى الْفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِيَّةِ فَهُوَ الْحَامِدُ وَهُوَ الْمَحْمُودُ، وَتَقْدِيمُ لَامِ الِاخْتِصَاصِ فِي الْمَقَامَيْنِ لِمُرِيدِ مُقَامِ الْخَوَاصِّ (" وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ") : مِنَ الْمُمْكِنَاتِ (" قَدِيرٌ ") : لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ فَمَا تَعَلَّقَتْ بِهِ إِرَادَتُهُ تَعَلَّقَتْ بِهِ قُدْرَتُهُ (" غُفِرَتْ خَطَايَاهُ ") : هَذَا جَزَاءُ الشَّرْطِ، وَهُوَ مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ، وَالْمُرَادُ بِالْخَطَايَا الذُّنُوبُ الصَّغَائِرُ، وَيُحْتَمَلُ الْكَبَائِرُ، (" وَإِنْ كَانَتْ ") : أَيْ فِي الْكَثْرَةِ أَوْ فِي الْعَظَمَةِ (مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ") : وَهُوَ مَا يَعْلُو عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ هَيَجَانِهِ وَتَمَوُّجِهِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ الثَّلَاثِ رِوَايَاتٍ مُخْتَلِفَةً ذُكِرَ بَعْضُهَا وَنَذْكُرُ بَاقِيهَا، فَنَقُولُ: وَرَدَ التَّسْبِيحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ، وَعَشَرَةً، وَثَلَاثًا، وَمَرَّةً وَاحِدَةً، وَسَبْعِينَ وَمِائَةً، وَوَرَدَ التَّحْمِيدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ، وَعَشَرَةً، وَمِائَةً وَوَرَدَ التَّهْلِيلُ عَشَرَةً، وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَمِائَةً، قَالَ الْحَافِظُ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ: وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ، وَمَا زَادَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَجَمَعَ الْبَغَوِيُّ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ صُدُورَ ذَلِكَ فِي أَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيرِ، أَوْ يَفْتَرِقُ بِافْتِرَاقِ الْأَحْوَالِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>