الْفَصْلُ الثَّالِثُ
٩٧٢ - وَعَنِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: «صَلَّى بِنَا إِمَامٌ لَنَا يُكْنَى أَبَا رِمْثَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ، أَوْ مِثْلَ هَذِهِ الصَّلَاةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَقُومَانِ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ شَهِدَ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى مِنَ الصَّلَاةِ، فَصَلَّى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ، حَتَّى رَأَيْنَا بَيَاضَ خَدَّيْهِ، ثُمَّ انْفَتَلَ كَانْفِتَالِ أَبِي رِمْثَةَ - يَعْنِي نَفْسَهُ - فَقَامَ الَّذِي أَدْرَكَ مَعَهُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى مِنَ الصَّلَاةِ يَشْفَعُ، فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ، فَأَخَذَ بِمَنْكِبَيْهِ، فَهَزَّهُ، ثُمَّ قَالَ: اجْلِسْ، فَإِنَّهُ لَمْ يُهْلِكْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ صَلَاتِهِمْ فَصْلٌ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ، فَقَالَ: " أَصَابَ اللَّهُ بِكَ يَا بْنَ الْخَطَّابِ» "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٩٧٢ - (عَنِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا إِمَامٌ لَنَا يُكْنَى) : بِالتَّخْفِيفِ وَيُشَدِّدُ (أَبَا رِمْثَةَ) : بِكَسْرِ الرَّاءِ (قَالَ) ، أَيْ: أَبُو رِمْثَةَ (صَلَّيْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ) : الْإِشَارَةُ هُنَا لَيْسَتْ لِلْخَارِجِ ; لِأَنَّ عَيْنَ الْمُشَارِ إِلَيْهِ الْوَاقِعِ فِي الْخَارِجِ لَمْ يُصَلِّهِ مَعَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِنَّمَا الَّذِي صَلَّاهُ مَعَهُ نَظِيرُهُ، فَتَعَيَّنَتِ الْإِشَارَةُ لِلْحَقِيقَةِ الذِّهْنِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ فِي ضِمْنِ هَذِهِ الْخَارِجِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَلِذَا قَالَ (أَوْ) : عَلَى الشَّكِّ (مِثْلَ هَذِهِ الصَّلَاةِ مَعَ النَّبِيِّ) : وَفِي نُسْخَةٍ: مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ) ، أَيْ: أَبُو رِمْثَةَ (وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَقُومَانِ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ عَنْ يَمِينِهِ) : لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ» "، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ذَكَرَ ذَلِكَ اسْتِطْرَادًا إِذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَرَضِ الْمَسُوقِ لَهُ الْقِصَّةُ، وَفِيهِ إِفَادَةُ الْحَثِّ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ تَحَرِّي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ تَحَرِّي يَمِينِ الْإِمَامِ ; لِأَنَّهُ أَفْضَلُ (وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ شَهِدَ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى) ، أَيْ: تَكْبِيرَةَ التَّحْرِيمَةِ فَإِنَّهَا الْأُولَى حَقِيقَةً أَوْ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ، فَإِنَّهَا تَكْبِيرَةُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى (مِنَ الصَّلَاةِ) : احْتِرَازٌ مِنَ التَّكْبِيرِ الْمُعْتَادِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، أَيْ: تَكْبِيرَةُ التَّحْرِيمَةِ، وَوَجْهُ ذِكْرِهَا مَزِيدُ بَيَانِ أَنَّ مُدْرِكَهَا إِنَّمَا قَامَ عَقِبَ صَلَاتِهِ لِصَلَاةِ السُّنَّةِ لَا لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَقُومُ لِإِكْمَالِهِ، ( «فَصَلَّى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ) ، أَيْ: صَلَاتَهُ (ثُمَّ سَلَّمَ) ، أَيْ: مَائِلًا وَمُنْصَرِفًا (عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ) : وَلَيْسَ فِيهِ سَلَامٌ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ (حَتَّى رَأَيْنَا) : مُتَعَلِّقٌ بِالْمُقَدَّرِ الْمَذْكُورِ (بَيَاضَ خَدَّيْهِ) ، أَيْ: مِنْ طَرَفَيْ وَجْهِهِ، أَيْ: خَدَّهُ الْأَيْمَنَ فِي الْأُولَى وَالْأَيْسَرَ فِي الثَّانِيَةِ (ثُمَّ انْفَتَلَ) : أَيِ انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانْفِتَالِ أَبِي رِمْثَةَ) ، أَيْ: كَانْفِتَالِي جَرَّدَ عَنْ نَفْسِهِ أَبَا رِمْثَةَ وَوَضَعَهُ مَوْضِعَ ضَمِيرِهِ مَزِيدًا لِلْبَيَانِ كَمَا بَيَّنَهُ الطِّيبِيُّ، وَلِذَا قَالَ الرَّاوِي، (- يَعْنِي) ، أَيْ: يُرِيدُ أَبُو رِمْثَةَ بِقَوْلِهِ أَبِي رِمْثَةَ (نَفْسَهُ -) ، أَيْ: ذَاتَهُ لَا غَيْرَهُ ( «فَقَامَ الرَّجُلُ الَّذِي أَدْرَكَ مَعَهُ التَّكْبِيرَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute