الْأُولَى مِنَ الصَّلَاةِ يَشْفَعُ» ) : بِالتَّخْفِيفِ وَيُشَدَّدُ، أَيْ: يُرِيدُ يُصَلِّي شَفْعًا مِنَ الصَّلَاةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الشَّفْعُ ضَمَّ الشَّيْءِ إِلَى مِثْلِهِ يَعْنِي: قَامَ الرَّجُلُ يَشْفَعُ الصَّلَاةَ بِصَلَاةٍ أُخْرَى (فَوَثَبَ [إِلَيْهِ] عُمَرُ) ، أَيْ: قَامَ بِسُرْعَةٍ (فَأَخَذَ بِمَنْكِبَيْهِ) : وَفِي رِوَايَةٍ: بِمَنْكِبِهِ عَلَى الْإِفْرَادِ (فَهَزَّهُ) : بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: حَرَّكَهُ بِعُنْفٍ (ثُمَّ قَالَ) : وَفِي نُسْخَةٍ فَقَالَ (اجْلِسْ، فَإِنَّهُ) : أَيِ الشَّأْنَ ( [لَمْ] يُهْلِكْ) : بِضَمِّ الْيَاءِ يَجُوزُ فَتْحُهَا (أَهْلَ الْكِتَابِ) : بِالنَّصْبِ، وَفِي نُسْخَةٍ: بِفَتْحِ الْيَاءِ وَرَفْعِ أَهْلِ (إِلَّا أَنَّهُ) : أَيِ الشَّأْنَ (لَمْ يَكُنْ بَيْنَ صَلَاتِهِمْ) ، أَيْ: (بَيْنَ) ، صَلَوَاتِهِمْ، إِذْ بَيْنَ لَا تَدْخُلُ إِلَّا عَلَى مُتَعَدِّدٍ (فَصْلٌ) ، أَيْ: فَرْقٌ بِالتَّسْلِيمِ أَوِ التَّحْوِيلِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ كَانُوا أُمِرُوا بِالْفَصْلِ فَلَمْ يَمْتَثِلُوا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِهِ فَاعْتَقَدُوا اتِّصَالَ الصَّلَوَاتِ، وَأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ فَصَلَّوْا، أَوْ أَنَّهُمْ لَمْ يُؤَهِّلُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ عَقِبَ صَلَاتِهِمْ، فَأَدَّى بِهِمْ ذَلِكَ إِلَى قَسْوَةِ الْقَلْبِ الْمُودِيَةِ إِلَى الْإِعْرَاضِ عَنِ اللَّهِ وَأَوَامِرِهِ، قَالَ الطَّيْبِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِعَدَمِ الْفَصْلِ تَرْكُ الذِّكْرِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَالتَّقْدِيرُ لَنْ يُهْلِكَهُمْ شَيْءٌ إِلَّا عَدَمُ الْفَصْلِ، وَاسْتِعْمَالُ لَنْ فِي الْمَاضِي مَعْنًى دَلَالَةٌ عَلَى اسْتِمْرَارِ هَلَاكِهِمْ. الْجَوْهَرِيُّ: هَلَكَهُ يُهْلِكُهُ وَهَلَكَ بِنَفْسِهِ هَلَاكًا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَفِي الْقَامُوسِ: هَلَكَ كَضَرَبَ وَمَنَعَ وَعَلِمَ هُلْكًا بِالضَّمِّ، وَمَهْلَكَةً وَتَهْلُكَةً مُثَلَّثَيْ اللَّامِ: مَاتَ وَأَهْلَكَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ وَهَلَكَهُ يُهْلِكُهُ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ. انْتَهَى، وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ لَازِمًا فِي الْحَدِيثِ، فَالتَّقْدِيرُ مَا هَلَكُوا إِلَّا لِعَدَمِ كَوْنِ الْفَصْلِ بَيْنَ صَلَاتِهِمْ يَعْنِي فَأَدَّى إِلَى الشُّبْهَةِ فِي مَعْرِفَةِ عَدَدِ رَكَعَاتِ صَلَاتِهِمْ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ مَا هَلَكَ أَهْلُ الْكِتَابِ بِشَيْءٍ فَعَلُوهُ عَقِبَ صَلَاتِهِمْ، فَإِنَّهُمْ هَلَكُوا بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ (غَيْرِهِ) ، هَذَا، فَتَعَيَّنَ رِعَايَةُ خُصُوصِ مَا قَدَّرْتَ خِلَافًا لِمَنْ قَدَّرَهُ عَامًّا بِسَائِرِ أَحْوَالِهِ. انْتَهَى، وَيُرِيدُ بِهِ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الطِّيبِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْهَلَاكَ مُخْتَصٌّ بِمُصِلِّيهِمْ بِخِلَافِ سَائِرِ أَسْبَابِ الْهَلَاكِ، أَوِ الْحَصْرُ ادِّعَائِيٌّ لِلْمُبَالَغَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
( «فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ» ) : أَيْ إِلَيْهِمَا ( «فَقَالَ: " أَصَابَ اللَّهُ بِكَ يَا بْنَ الْخَطَّابِ» ") : قِيلَ: الْبَاءُ زَائِدَةٌ، وَقِيلَ: الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: أَصَابَ اللَّهُ بِكَ الرُّشْدَ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: مِنْ بَابِ الْقَلْبِ، أَيْ: أَصَبْتَ الرُّشْدَ فِيمَا فَعَلْتَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ، وَجَائِزٌ أَنْ يُرْوَى أَصَابَ اللَّهُ رَأْيَكَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الرِّوَايَةُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَجَامِعِ الْأُصُولِ، وَنَظِيرُهُ عَرَضْتُ النَّاقَةَ عَلَى الْحَوْضِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْهَمْزَةُ لِلتَّعْدِيَةِ وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ، وَالتَّقْدِيرُ أَصَابَكَ اللَّهُ الْحَقَّ، أَيْ: جَعَلَكَ مُصِيبًا لَهُ فِي سَائِرِ أَقْوَالِكَ وَأَفْعَالِكَ، (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute