٩٨١ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رِضَى اللَّهِ عَنْهُ - قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَصْرِ فِي الصَّلَاةِ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٩٨١ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَصْرِ فِي الصَّلَاةِ) : قِيلَ: هُوَ أَنْ يَأْخُذَ بِيَدِهِ عَصًا تُسَمَّى الْمُخَصِّرَةَ يَتَّكِئُ عَلَيْهَا، وَهُوَ مَكْرُوهٌ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ كَالِاتِّكَاءِ عَلَى حَائِطٍ، كَذَا فِي الْمُنْيَةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ لَا يَقْرَأَ سُورَةً تَامَّةً وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ تَكْمِيلَ السُّورَةِ أَوْلَى، وَلَا يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِهَا، وَقِيلَ: وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الِاخْتِصَارِ، وَقَالَ: " «الِاخْتِصَارُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ» " قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ: فُسِّرَ الْخَصْرُ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ، وَهُوَ صُنْعُ الْيَهُودِ، وَالْخَصْرُ لَمْ يُفَسَّرْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي شَيْءٍ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَلَمْ أَطَّلِعْ عَلَيْهِ إِلَى الْآنِ، وَالْحَدِيثُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَلَعَلَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ ظَنَّ أَنَّ الْخَصْرَ يَرِدُ بِمَعْنَى الِاخْتِصَارِ وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ: «قَدْ نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا» " وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالدَّارِمِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ: نَهَى عَنِ الِاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الِاخْتِصَارُ لَا الْخَصْرُ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: رَدُّهُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْأَئِمَّةِ الْمُحَدِّثِينَ بِقَوْلِهِ: لَمْ يُفَسَّرِ الْخَصْرُ بِهَذَا الْوَجْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ " - لَا وَجْهَ لَهُ ; لِأَنَّ ارْتِكَابَ الْمَجَازِ وَالْكِنَايَةِ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى السَّمَاعِ، بَلْ عَلَى الْعَلَاقَةِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَبَيَانُهُ أَنَّ الْخَصْرَ: وَسَطُ الْإِنْسَانِ، وَالنَّهْيُ لَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ، عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْ أَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَلَمَّا اتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنَ الْكِنَايَةِ، فَإِنَّ نَفْيَ الذَّاتِ أَقْوَى مِنْ نَفْيِ الصِّفَةِ ابْتِدَاءً، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ: إِنَّ إِبْلِيسَ لَمَّا هَبَطَ إِلَى الْأَرْضِ بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ مَلْعُونًا نَزَلَ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ، (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : قَالَ مِيرَكُ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ مِنْ أَفْرَادِهِ عَنْ مُسْلِمٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، قُلْتُ: لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مُوَافِقَةً لِرِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ مَعْنًى كَمَا تَقَدَّمَ صَحَّ إِسْنَادُ الْحَدِيثِ إِلَيْهِمَا، وَأَشَارَ مِيرَكُ إِلَيْهِ بِالْأَوْلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute