٩٩٤ - وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يُشَبِّكَنَّ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، فَإِنَّهُ فِي الصَّلَاةِ» "، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ.
ــ
٩٩٤ - (وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لَا: " وَإِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ") : بِمُرَاعَاةِ السُّنَنِ وَحُضُورِ الْقَلْبِ وَتَصْحِيحِ النِّيَّةِ (" ثُمَّ خَرَجَ ") ، أَيْ: مِنْ بَيْتِهِ (" عَامِدًا ") ، أَيْ: قَاصِدًا (" إِلَى الْمَسْجِدِ ") ، نَفْسِهِ لَا يَكُونُ لَهُ قَصْدٌ فَاسِدٌ مَأْتَاهُ، وَهَذِهِ الْقُيُودُ لِبَيَانِ الْكَمَالِ وَحُسْنِ الْحَالِ (" فَلَا يُشَبِّكَنَّ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، فَإِنَّهُ فِي الصَّلَاةِ ") ، أَيْ: حُكْمًا، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: تَشْبِيكُ الْأَصَابِعِ إِدْخَالُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي الصَّلَاةِ ; لِأَنَّهُ يُنَافِي الْخُشُوعَ وَمَنْ قَصَدَهَا، فَكَأَنَّهُ فِيهَا فِي حُصُولِ الثَّوَابِ، قَالَ مِيرَكُ: لَعَلَّ النَّهْيَ عَنْ إِدْخَالِ الْأَصَابِعِ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى مُلَابَسَةِ الْخُصُوصِيَّاتِ وَالْخَوْضِ فِيهَا، وَحِينَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفِتَنَ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَقَالَ: " وَاخْتَلَفُوا وَكَانُوا هَكَذَا "، قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ كَالنَّهْيِ عَنْ كَفِّ الشَّعَرِ وَالتَّثَاؤُبِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ يَرْفَعُهُ: " «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يُشَبِّكَنَّ، فَإِنَّ التَّشْبِيكَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَزَالُ فِي الصَّلَاةِ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ» "، وَثَبَتَ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَذَلِكَ يُفِيدُ عَدَمَ التَّحْرِيمِ، وَلَا يَمْنَعُ الْكَرَاهَةَ أَيْ لِغَيْرِهِ لِكَوْنِ فِعْلِهِ نَادِرًا، أَيْ: لِبَيَانِ الْجَوَازِ أَوْ لِمَعْنَى كَمَا فِي حَدِيثِ الْإِخْبَارِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَبْلَ النَّهْيِ، فَإِنَّ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ قَبْلَ نَسْخِ الْكَلَامِ، مَعَ أَنَّ تَشْبِيكَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّمَا كَانَ عَلَى ظَنٍّ مِنْهُ أَنَّهُ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَالَ: وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ فِي الصَّلَاةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّشْبِيكَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ، بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى فَهُوَ أَشَدُّ كَرَاهَةً، فَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَأَى رَجُلًا قَدْ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ، فَفَرَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ) : وَفِي نُسْخَةٍ: وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا (وَالدَّارِمِيُّ) : قَالَ مِيرَكُ: كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ غَيْرِ مُسَمًّى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، لَمْ يَذْكُرِ الرَّجُلَ، لَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute