١٠١٨ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلَاةَ، وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ، كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
١٠١٨ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ) : ابْنِ مَالِكٍ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَأُمُّهُ (ابْنُ بُحَيْنَةَ) : مُصَغَّرًا بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي أَسْمَاءِ الرِّجَالِ، لَكِنْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الصَّحَابَةِ، قَالَ: وَأَبُوهُ مَالِكٌ لَهُ صُحْبَةٌ أَيْضًا، وَقَدْ قِيلَ فِي أَبِيهِ: مَالِكُ ابْنُ بُحَيْنَةَ، وَهُوَ وَهْمٌ وَغَلَطٌ، وَإِنَّمَا بُحَيْنَةُ امْرَأَتُهُ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ بُحَيْنَةَ نَاسِكًا فَاضِلًا صَائِمَ الدَّهْرِ اهـ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ كُتِبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ ابْنُ بُحَيْنَةَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ أَلِفُ " ابْنٍ " وَيُنَوَّنَ مَالِكٌ لِيَنْدَفِعَ الْوَهْمُ، وَيُعْرَفَ أَنَّ ابْنَ بُحَيْنَةَ نَعْتٌ لِعَبْدِ اللَّهِ لَا لِمَالِكٍ، فَتَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ، ( «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ» ) ، أَيْ: فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ) : فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ حَيْثُ تَرَكُوا الْقُعُودَ الْأَوَّلَ وَتَشَهُّدَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ: أَنَّهُ لَمَّا قَامَ وَلَمْ يَجْلِسْ لِلتَّشَهُّدِ سَبَّحُوا لَهُ، فَمَضَى فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ، (حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلَاةَ) ، أَيْ: بَقِيَّتَهَا (وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ، كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ) ، أَيْ: لِلسَّهْوِ (قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ) : وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَلَكِنْ جَاءَ فِي رِوَايَاتٍ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا أَنَّهُ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَثَبَتَ سُجُودُ عُمَرَ بَعْدَ السَّلَامِ، فَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ، وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: إِنَّ سُجُودَ عُمَرَ بَعْدَ السَّلَامِ اجْتِهَادٌ فِي غَايَةٍ مِنَ الِاسْتِبْعَادِ، وَأَمَّا تَأْوِيلُ السُّجُودِ بِأَنَّهُ سُجُودُ الصَّلَاةِ لَا السَّهْوِ، وَإِنْ قَالَ بِهِ بَعْضُ عُلَمَائِنَا، وَلَكِنَّهُ بِعِيدٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ، وَأَبْعَدُ مِنْهُ مَنْ قَالَ: وَقَعَ بَعْدَ السُّجُودِ سَهْوًا، (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا أَيْضًا: وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ مَعَهُ مَكَانَ مَا نَسِيَ مِنَ الْجُلُوسِ، أَيْ: لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ سُجُودَ السَّهْوِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ الْمَأْمُومُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَآخَرُونَ، خِلَافًا ; لِأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ، قُلْتُ: الظَّاهِرُ مَذْهَبُنَا إِذْ لَا دَلِيلَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُخَالَفَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute