الْفَصْلُ الثَّانِي
١٠١٩ - عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِهِمْ فَسَهَا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ تَشَهَّدَ» ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
ــ
١٠١٩ - (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ) : أَسْلَمَ هُوَ وَابْنُهُ عَامَ خَيْبَرَ، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ) : وَفِي نُسْخَةٍ، النَّبِيَّ (صَلَّى بِهِمْ فَسَهَا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ) ، أَيْ: بَعْدَمَا سَلَّمَ، كَمَا يَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُهُ الْآتِي (ثُمَّ تَشَهَّدَ، ثُمَّ سَلَّمَ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لِتَفَرُّدِ رُوَاتِهِ بِزِيَادَةِ التَّشَهُّدِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِبَقِيَّةِ الرُّوَاةِ مَعَ كَثْرَتِهِمْ وَحِفْظِهِمْ وَإِتْقَانِهِمْ وَعَدَمِ لُحُوقِهِ بِمَرْتَبَتِهِمْ، قُلْتُ: مِنَ الْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ أَنَّ زِيَادَةَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وَلَيْسَ فِي رِوَايَاتِ غَيْرِهِ تَعَرُّضٌ لِلتَّشَهُّدِ لَا نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا، وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي، وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالِاخْتِلَافُ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ غَيْرُ مُضِرٍّ ; لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْمَوْقُوفِ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ أَخَذُوا مِنْ ذَلِكَ لِحَدِيثِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ التَّشَهُّدَ بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ مَنْدُوبٌ، بَلِ ادَّعَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إِمَامُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ، قَالُوا: وَدَعْوَى التِّرْمِذِيِّ غَرَابَتَهُ لَا تُؤَثِّرُ ; لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَالضَّعِيفِ، وَهُوَ يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ اتِّفَاقًا.
قُلْتُ الْمُقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْغَرَابَةَ لَا تُنَافِي الصِّحَّةَ وَالْحُسْنَ. وَلِذَا قَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ فَإِطْلَاقُ الضَّعْفِ عَلَيْهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَدْ غَفَلَ عَنْ هَذَا ابْنُ حَجَرٍ، فَرَدَّ كَلَامَ أَصْحَابِهِ بِأَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ بِالضَّعِيفِ فِي الْفَضَائِلِ مَا إِذَا لَمْ يُعَارِضْهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ اهـ.
وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ يُعَارِضُهُ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا بَيَّنَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّشَهُّدِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ أَنَّ مَحَلَّ السُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute