١١٨٠ - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا بِالْمَدِينَةِ، فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ، ابْتَدَرُوا السَّوَارِيَ، فَرَكَعُوا رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ، فَيَحْسَبُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهِمَا.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
١١٨٠ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ، ابْتَدَرُوا) : يُحْتَمَلُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَوِ التَّابِعِينَ، أَيْ: تَسَابَقُوا (السَّوَارِيَ) : بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ جَمْعُ سَارِيَةٍ، أَيِ: الْإِسْطِوَانَاتُ الْفَاصِلَةُ وَمُرَاعَاةً لِلسُّتْرَةِ أَيْضًا، وَقَوْلُ الطِّيبِيِّ: بِالتَّشْدِيدِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ، لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَجْهٌ، فَفِي الْقَامُوسِ: السَّارِيَةُ: السَّحَابُ تَسْرِي لَيْلًا جَمْعُهُ سَوَارٍ، وَالْإِسْطِوَانَةُ. ذَكَرَهُ فِي مَادَّةِ (سَ رَ يَ) وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالتَّخْفِيفِ ; لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ تَحْتَ الْقَاعِدَةِ، وَهِيَ أَنَّ فَاعِلَةً اسْمًا أَوْ صِفَةً تُجْمَعُ عَلَى فَوَاعِلَ كَالْجَوَارِي. وَلَا تَتَوَهَّمْ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْعَوَارِي جَمْعِ عَارِيَةٍ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْقَامُوسِ ذَكَرَهَا فِي مَادَّةِ (عَ وَرَ) وَجَوَّزَ التَّشْدِيدَ وَالتَّخْفِيفَ فِي الْجَمْعِ وَالْمُفْرَدِ، فَيَاؤُهُ لِلنِّسْبَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ (عَوَارِيُّ) بِالتَّشْدِيدِ، كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إِلَى الْعَارِ، لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ. انْتَهَى. وَعَلَى تَقْدِيرِ خِفَّتِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَخْفِيفًا لِلنِّسْبَةِ، وَأَنْ يَكُونَ جَمْعَ عَارِيَةٍ مِنَ الْعُرَى، فَحِينَئِذٍ سُمِّيَ بِهَا ; لِأَنَّهَا عَارِيَةٌ عَنِ الْمِلْكِ حِينَ الِاسْتِعَارَةِ، وَالْمَعْنَى وَقَفَ كُلُّ مَنْ سَبَقَ خَلْفَ أُسْطُوَانَةٍ. (فَرَكَعُوا رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ) : بِكَسْرِ هَمْزَةٍ إِنَّ وَجُوِّزَ فَتْحُهَا (لَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: (حَتَّى) عَاطِفَةٌ لِمَا بَعْدَهَا عَلَى جُمْلَةِ ابْتَدَرُوا، (فَيَحْسِبُ) : بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا، أَيْ: فَيَظُنُّ (أَنَّ الصَّلَاةَ) ، أَيِ: الَّتِي هِيَ فَرْضُ الْمَغْرِبِ (قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهَا) أَيْ: تِلْكَ الصَّلَاةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ. وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ (يُصَلِّيهِمَا) : بِالتَّثْنِيَةِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: يَعْنِي يَقِفُ كُلُّ وَاحِدٍ خَلْفَ سَارِيَةٍ يُصَلِّي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى إِثْبَاتِ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ. انْتَهَى. وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا كَانَ نَادِرًا ; لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يُعَجِّلُ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ إِجْمَاعًا، وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ، بَلْ خُرُوجُهُ عَنْ وَقْتِهِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، فَلَعَلَّهُ وَقَعَ هَذَا عَنْ بَعْضٍ فِي وَقْتٍ فَهِمُوا تَأْخِيرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعُذْرٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَوْ كَانَتَا أَوَّلًا ثُمَّ تُرِكَتَا عَلَى مَا قِيلَ، وَعَلَيْهِ الْخُلَفَاءُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute