صَغِيرًا وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، (فَأَخَذَ بِأُذُنِي) : وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ فِي الشَّمَائِلِ: فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي، ثُمَّ أَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَضَعَهَا أَوَّلًا لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مَسْكِ الْأُذُنِ أَوْ لِأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ إِلَّا عَلَيْهِ، أَوْ لِيُنْزِلَ بَرَكَتَهَا بِهِ لِيَعِيَ جَمِيعَ أَفْعَالِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ. (فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ) : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: " عَنْ " هُنَا. بِمَعْنَى الْجَانِبِ، أَيْ أَدَارَنِي عَنْ جَانِبِ يَسَارِهِ إِلَى جَانِبِ يَمِينِهِ. اهـ.
وَفِي الشَّمَائِلِ بَدَلَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فَفَتَلَهَا، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفَتَلَهَا إِمَّا لِيُنَبِّهَهُ عَلَى مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ، أَوْ لِيَزْدَادَ تَيَقُّظُهُ لِحِفْظِ تِلْكَ الْأَفْعَالِ، أَوْ لِيُزِيلَ مَا عِنْدَهُ مِنَ النُّعَاسِ لِرِوَايَةِ: فَجَعَلْتُ إِذْ غَفَيْتُ يَأْخُذُ شَحْمَةَ أُذُنِي، (فَتَتَامَّتْ) : بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الطِّيبِيُّ، أَيْ صَارَتْ تَامَّةً، تَفَاعَلَ مِنْ تَمَّ وَهُوَ لَا يَجِيءُ إِلَّا لَازِمًا. اهـ. أَيْ: تَمَّتْ وَتَكَامَلَتْ (صَلَاتُهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً) : وَفِي الشَّمَائِلِ: فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: يَعْنِي سِتَّ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَوْتَرَ، أَيْ: جَعَلَ الشَّفْعَ الْأَخِيرَ مُنْضَمًّا إِلَى الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَصَارَ وَتْرًا أَوْتَرَ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآتِي لِمُسْلِمٍ عَنْهُ. (ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ) ، أَيْ: تَنَفَّسَ بِصَوْتٍ حَتَّى يُسْمَعَ مِنْهُ صَوْتُ النَّفْخِ بِالْفَمِ، كَمَا يُسْمَعُ مِنَ النَّائِمِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: نَفَخَ مِنْ أَنْفِهِ، وَمِنْ ثَمَّ عُبِّرَ عَنْهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى بِالْغَطِيطِ، وَهُوَ صَوْتُ الْأَنْفِ الْمُسَمَّى بِالْخَطِيطِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْمَمْدُودُ مِنَ الصَّوْتِ، وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنًى، وَهُوَ صَوْتٌ يُسْمَعُ مِنْ تَرَدُّدِ النَّفَسِ أَوِ النَّفْخِ عِنْدَ الْخَفْقَةِ، أَيْ تَحْرِيكِ الرَّأْسِ. اهـ كَلَامُهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَوْتُ الْأَنْفِ، فَفِي النِّهَايَةِ: الْغَطِيطُ: الصَّوْتُ الَّذِي يَخْرُجُ مَعَ نَفَسِ النَّائِمِ وَهُوَ تَرْدِيدُهُ حَيْثُ لَا يَجِدُ مُسَاغًا، وَقَالَ: وَالْخَطِيطُ قَرِيبٌ مِنَ الْغَطِيطِ وَهُوَ صَوْتُ النَّائِمِ، وَفِي الْقَامُوسِ: غَطَّ النَّائِمُ غَطِيطًا: صَاتَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، (وَكَانَ) ، أَيْ: مِنْ عَادَتِهِ (إِذَا نَامَ نَفَخَ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فِيهِ بَيَانُ أَنَّ نَفْخَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِأَمْرٍ عَارِضٍ، بَلْ كَانَ جِبِلِّيًّا نَاشِئًا عَنْ عَبَالَةِ الْبَدَنِ، أَيْ: ضَخَامَتِهِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، نَعَمْ تِلْكَ الْعَبَالَةُ حَصَلَتْ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي آخِرِ عُمُرِهِ لَمَّا آتَاهُ اللَّهُ جَمِيعَ سُؤْلِهِ، وَأَرَاحَهُ مِنْ غَيِّ أَمَّتِهِ، كَانَ حِكْمَتُهَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ الظَّاهِرِ مِنَ التَّابِعِينَ، وَعُلَمَاءِ الْبَاطِنِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ يَقُولُ الْأَوَّلُ، وَقَدْ قِيلَ لَهُ مَا هَذَا السِّمَنُ: كُلَّمَا تَذَكَّرْتُ كَثْرَةَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، وَمَا اخْتَصَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِمَّا لَمْ يُؤْتِهِ لِغَيْرِهِمُ ازْدَدْتُ سِمَنًا، وَيَقُولُ الثَّانِي: كُلَّمَا تَذَكَّرْتُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَأَنَّهُ أَهَّلَنِي لِمَا تَرَوْنَ زَادَ سِمَنِي. اهـ. فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ السَّمِينَ، وَفِي رِوَايَةٍ يَبْغَضُ السَّمِينَ، فَإِنَّ مَحِلَّهُ إِذَا كَانَ عَنْ غَفْلَةٍ أَوْ نَشَأَ عَنْ تَنْعِيمٍ وَكَثْرَةِ أَكْلِ لَحْمٍ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ (يَبْغَضُ اللَّحَّامِينَ) (فَآذَنَهُ) : بِالْمَدِّ، أَيْ أَعْلَمَهُ (بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ) قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: وَإِنَّمَا لَمْ يَتَوَضَّأْ وَقَدْ نَامَ حَتَّى نَفَخَ ; لِأَنَّ النَّوْمَ لَا يَنْقُضُ الطُّهْرَ بِنَفْسِهِ، بَلْ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ خُرُوجِ الْخَارِجِ، وَلَمَّا كَانَ قَلْبُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَقْظَانَ لَا يَنَامُ وَلَمْ يَكُنْ نَوْمُهُ مَظِنَّةً فِي حَقِّهِ، فَلَا يُؤَثِّرُ، وَلَعَلَّهُ أَحَسَّ بِتَيَقُّظِ قَلْبِهِ بَقَاءَ طُهْرِهِ، وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: فَيَقَظَةُ قَلْبِهِ تَمْنَعُهُ مِنَ الْحَدَثِ وَمَا مَنَعَ النَّوْمُ قَلْبَهُ لِيَعِيَ الْوَحْيَ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي الْمَنَامِ. اهـ. فَالْوُضُوءُ الْأَوَّلُ إِمَّا لِنَقْضِ آخَرَ، أَوْ لِتَجْدِيدٍ وَتَنْشِيطٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَكَانَ فِي دُعَائِهِ) ، أَيْ: فِي جُمْلَةِ دُعَائِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، قَالَ الطِّيبِيُّ: أَوْ دُعَائِهِ حِينَ خُرُوجِهِ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى الْمَسْجِدِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْجَزَرِيُّ فِي الْحِصْنِ، وَإِذَا خَرَجَ لِلصَّلَاةِ، أَيْ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، قَالَ: (" «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا» ") : قِيلَ: هُوَ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الشَّيْءُ وَيَظْهَرُ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: النُّورَيْنِ لِلتَّعْظِيمِ، أَيْ: نُورًا عَظِيمًا، وَقَدَّمَ الْقَلْبَ ; لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَلِكِ الْمَالِكِ. (" «وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي عَيْنِي نُورًا» ") ; لِأَنَّهُمَا آلَتَا الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالنَّقْلِيَّةِ. (" «وَعَنْ يَمِينِي نُورًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute