للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٩٨ - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «لَمَّا بَدَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَقُلَ كَانَ أَكْثَرُ صَلَاتِهِ جَالِسًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

١١٩٨ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا بَدَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : بِتَشْدِيدِ الدَّالِ مِنَ التَّبْدِينِ وَهُوَ الْكِبَرُ وَالضَّعْفُ، أَيْ: مَسَّهُ الْكِبَرُ وَأَسَنَّ، وَيُرْوَى بِالتَّخْفِيفِ، أَيْ كَثُرَ لَحْمُهُ. قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. قِيلَ: لَمْ يُوصَفْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالسِّمَنِ، فَالْمُرَادُ أَنَّهُ ثَقُلَ عَنِ الْحَرَكَةِ وَضَعُفَ عَنْهَا ثِقَلَ الرَّجُلِ الْبَادِنِ، قُلْتُ: وَلِذَا عَطَفَ عَلَيْهِ (وَثَقُلَ) ، أَيْ: بَدَنُهُ عَطْفَ تَفْسِيرٍ، وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي قَوْلِهِ بَدَّنَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ مُخَفَّفًا بِضَمِّ الدَّالِّ مِنْ قَوْلِهِمْ بَدَنَ يَبْدُنَ بِدَانَةً، وَبَدَنَ بِفَتْحِ الدَّالِ يَبْدَنَ بَدَنًا وَهُوَ السِّمَنُ وَالِاكْتِنَازُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ بِفَتْحِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِهَا مِنَ التَّبْدِينِ وَهُوَ السِّنُّ وَالْكِبَرُ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الَّتِي يَرْتَضِيهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالرِّوَايَةِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوصَفْ بِالسِّمَنِ فِيمَا يُوصَفُ بِهِ. نَقَلَهُ الْأَبْهَرِيُّ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثَقُلَ، أَيْ: ضَعُفَ لِكِبَرِ سِنِّهِ وَكَثْرَةِ لَحْمِهِ، كَمَا فِي رِوَايَاتٍ أُخَرَ، فَذِكْرُ كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ فِي رِوَايَةٍ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ ; لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ لَهُ سَبَبَانِ يَجُوزُ ذِكْرُهُمَا وَذِكْرُ أَحَدِهِمَا وَذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ. اهـ.

وَبُعْدُهُ لَا يَخْفَى ; لِأَنَّهُ قَلَّ مَنْ كَبُرَ سِنُّهُ وَكَثُرَ لَحْمُهُ مَعَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْحَبْرَ السَّمِينَ» "، وَأَمَّا رِوَايَةُ كَثُرَ لَحْمُهُ، فَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى اسْتِرْخَاءِ لَحْمِ بَدَنِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كِبَرُ سِنِّهِ. (كَانَ أَكْثَرُ صَلَاتِهِ) ، أَيِ: النَّافِلَةُ (جَالِسًا) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ ثَوَابَ تَطَوُّعِهِ جَالِسًا كَهُوَ قَائِمًا ; لِأَنَّ الْكَسَلَ الْمُقْتَضِيَ لِكَوْنِ أَجْرِ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ أَجْرِ الْقَائِمِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ مَأْمُونٌ فِي حَقِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. اهـ.

وَفِيهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ صَلَّى جَالِسًا ضَرُورَةً فَرْضًا أَوْ نَفْلًا يَكُونُ ثَوَابُهُ كَامِلًا، فَلَا يُعَدُ مِثْلُ هَذَا مِنَ الْخَصَائِصِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الْإِطْلَاقُ، سَوَاءٌ جُلُوسُهُ يَكُونُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : قَالَ مِيرَكُ: وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ، وَلَمْ يَقُلِ الْبُخَارِيُّ: أَكْثَرُ، وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ: فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا. اهـ. فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ تَبَايُنٌ فَتَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>