١٢٠١ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُقَنْطِرِينَ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
١٢٠١ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ ") : قَامَ بِهِ، أَيْ أَتَى بِهِ، يَعْنِي: مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ فِي صَلَاتِهِ عَلَى التَّدَبُّرِ وَالتَّأَنِّي كَذَا قِيلَ، وَفِي الْأَزْهَارِ يُحْتَمُلُ مَنْ قَامَ وَقَرَأَ وَإِنْ لَمْ يُصِلِّ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ، أَيْ: أَخَذَهَا بِقُوَّةٍ وَعَزْمٍ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ، أَيْ يَقْرَؤُهَا فِي رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ الْفَاتِحَةِ. اهـ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَقَلُّ مَرَاتِبِ الصَّلَاةِ، وَهِيَ تَحْصُلُ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَهِيَ سَبْعُ آيَاتٍ وَثَلَاثُ آيَاتٍ بَعْدَهَا، فَتِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ. (" لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ ") ، أَيْ: لَمْ يُثْبَتِ اسْمُهُ فِي صَحِيفَةِ الْغَافِلِينَ.
(" «وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ» ") ، أَيِ الْمُوَاظِبِينَ عَلَى الطَّاعَةِ أَوِ الْمُطَوِّلِينِ الْقِيَامَ فِي الْعِبَادَةِ. وَالْقُنُوتُ: الطَّاعَةُ وَالْقِيَامُ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ، أَيْ: مِنَ الَّذِينَ قَامُوا بِأَمْرِ اللَّهِ وَلَزِمُوا طَاعَتَهُ وَخَضَعُوا لَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ وَقْتٍ لَهَا مَزَايَا وَفَضَائِلُ، وَأَعْلَاهَا أَنْ تَكُونَ فِي الصَّلَاةِ، لَا سِيَّمَا فِي اللَّيْلِ، قَالَ تَعَالَى {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: ٦] وَمِنْ ثَمَّ أَوْرَدَ مُحْيِي السُّنَّةِ الْحَدِيثَ فِي بَابِ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الطِّيبِيِّ أَنَّ الْحَدِيثَ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ لَا بِصَلَاةٍ وَلَا بِلَيْلٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَدْنَى مَرَاتِبِهِ، وَيَدُلَّ عَلَيْهِ جَزَاءُ الشَّرْطِيَّةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: " لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ "، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ فِي مَحَلِّ الْأَكْمَلِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: فَتَفْسِيرِي (قَامَ يُصَلِّي) فِي هَذَا الْمَقَامِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلِاسْتِعْمَالِ الشَّرْعِيِّ. فَمَدْفُوعٌ بِأَنَّهُ لَا يُعْرُفُ فِي الشَّرْعِ تَفْسِيرُ (قَامَ يُصَلِّي) وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَفَاتَهُ أَنَّ الْحَدِيثَ مَسُوقٌ فِي بَابِ صَلَاةِ اللَّيْلِ. فَغَرِيبٌ؛ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْوُرُودِ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيهِ، وَبَيْنَ إِيرَادِ غَيْرِهِ فِيهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ إِلَى أَنَّ مَقْصُودَ الْحَدِيثِ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ قِرَاءَتِهَا وَلَوْ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ قِرَاءَتُهُ ذَلِكَ فِي خُصُوصِ الصَّلَاةِ - فَمَرْدُودٌ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى ظَاهِرِهِ الْمُتَبَادِرِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ قَيْدٍ، وَإِنْ كَانَ الْقَيْدُ يُفِيدُ زِيَادَةَ الْفَضِيلَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(" وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ ") : قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: مِنَ الْمُلْكِ إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ أَلْفُ آيَةٍ. (" كُتِبَ مِنَ الْمُقَنْطِرِينَ ") ، أَيْ: مِنَ الْمُكْثِرِينَ مِنَ الْأَجْرِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقَنَاطِيرِ، وَهُوَ الْمَالُ الْكَثِيرُ. يَعْنِي مِنَ الَّذِينَ بَلَغُوا فِي حِيَازَةِ الْمَثُوبَاتِ مَبْلَغَ الْمُقَنْطِرِينَ فِي حِيَازَةِ الْأَمْوَالِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَا نَجِدُ الْعَرَبَ تَعْرِفُ وَزْنَ الْقِنْطَارِ، وَمَا نُقِلَ عَنِ الْعَرَبِ الْمِقْدَارُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، قِيلَ: أَرْبَعَةُ آلَافِ دِينَارٍ، فَإِذَا قَالُوا: قَنَاطِيرُ مُقَنْطَرَةٌ فَهِيَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَقِيلَ الْقِنْطَارُ: مِلْءُ جِلْدِ الثَّوْرِ ذَهَبًا، وَقِيلَ: هُوَ جُمْلَةٌ كَثِيرَةٌ مَجْهُولَةٌ مِنَ الْمَالِ. قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هُوَ سَبْعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ.
وَقَالَ مِيرَكُ: وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «الْقِنْطَارُ اثْنَا عَشَرَ أُوقِيَّةً، وَالْأُوقِيَّةُ خَيْرٌ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» ". رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ نَقَلَهُ الْمُنْذِرِيُّ. وَرُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: الْقِنْطَارُ أَلْفٌ وَمِائَتَا أُوقِيَّةٍ، وَالْأُوقِيَّةُ خَيْرٌ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، كَذَا رَوَاهُ الشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ فِي تَصْحِيحِ الْمَصَابِيحِ، وَأَقُولُ: وَرُوِيَ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ وَلَفْظُهُ: " «مَنْ قَرَأَ أَلْفَ آيَةٍ فِي لَيْلَةٍ أَصْبَحَ لَهُ قِنْطَارٌ، وَالْقِنْطَارُ أَلْفٌ وَمِائَتَا أُوقِيَّةٍ، وَالْوُقِيَّةُ خَيْرٌ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَخَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ» ". أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ قَامَ بِمِائَتَيْ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُقَنْطِرِينَ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَوْلُهُ: مِنَ الْمُقَنْطِرِينَ، أَيْ: مِمَّنْ كُتِبَ لَهُ قِنْطَارٌ مِنَ الْأَجْرِ، ذَكَرَهُ مِيرَكُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute