١٢٣٢ - وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رِضَى اللَّهِ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا، يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَلَانَ الْكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ ".
ــ
١٢٣٢ - (وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا ") ، أَيْ: عَلَالِيَ فِي غَايَةٍ مِنَ اللَّطَافَةِ، وَنِهَايَةٍ مِنَ الصَّفَاءِ وَالظَّرَافَةِ. (" يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا ") : وَفِيهِ مُبَالَغَةٌ لَا تَخْفَى. (" أَعَدَّهَا اللَّهُ ") ، أَيْ: هَيَّأَهَا (" لِمَنْ أَلَانَ ") ، أَيْ: أَطَابَ (" الْكَلَامَ ") : كَمَا فِي رِوَايَةٍ، وَرُوِيَ: أَلْيَنَ كَأَجْوَدَ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ لَفْظُ الْمَصَابِيحِ، وَرُوِيَ لَيِّنٌ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَالْمَعْنَى لِمَنْ لَهُ خُلُقٌ حَسَنٌ مَعَ الْأَنَامِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: ٦٣] فَيَكُونُ مِنْ عِبَادِ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا الْمَوْصُوفِينَ بِقَوْلِهِ: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفرقان: ٧٥] (" وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ ") : بِالْكَرَمِ التَّامِّ لِلْخَاصِّ وَالْعَامِّ (" وَتَابَعَ الصِّيَامَ ") ، أَيْ: أَكْثَرَ مِنْهُ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ بِحَيْثُ تَابَعَ بَعْضُهَا بَعْضًا وَلَا يَقْطَعُهَا رَأْسًا، قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَقِيلَ: أَقَلُّهُ أَنْ يَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَفِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: ٦٧] مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {بِمَا صَبَرُوا} [الأعراف: ١٣٧] صَرِيحٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الصَّوْمِ (" وَصَلَّى بِاللَّيْلِ ") ، أَيْ: لِمَنْ لَا يَنَامُ (" وَالنَّاسُ ") ، أَيْ: غَالَبُهُمْ (" نِيَامٌ ") : جَمْعُ نَائِمٍ أَوْ غَافِلُونَ عَنْهُ، وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا رِيَاءَ يَشُوبُ عَمَلَهُ وَلَا شُهُودَ غَيْرٍ؛ إِشَارَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: ٦٤] الْمُنْبِئُ وَصْفُهُمْ بِذَلِكَ عَنْ أَنَّهُمْ فِي غَايَةٍ مِنَ الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ. (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) : قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ نَحْوَهُ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَيُرَى بَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا ". فَقَالَ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَبَاتَ قَائِمًا وَالنَّاسُ نِيَامٌ» ". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطَيْهِمَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ نَحْوَهُ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَالِكٍ، وَفِيهِ: " «أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute