للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣١٢ - ( «وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى) : فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ أَفْضَلُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

١٣١٢ - (وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى) ، أَيْ: عِنْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ شَيْئًا يَسِيرًا (فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ أَفْضَلُ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: مِنْ زَائِدَةٌ، أَيْ يُصَلُّونَ صَلَاةَ الضُّحَى، أَوْ تَبْعِيضِيَّةٌ وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ قَوْلُهُ: لَقَدْ عَلِمُوا، أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ إِيقَاعَ صَلَاتِهِمْ فِي بَعْضِ وَقْتِ الضُّحَى، أَيْ: أَوَّلِهِ، وَلَمْ يَصْبِرُوا إِلَى الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ، أَيْ: كَيْفَ يُصَلُّونَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ أَفْضَلُ؟ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ ابْتِدَائِيَّةً، أَيْ صَلَاةُ مُبْتَدَأٍ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى إِنْكَارَ إِنْشَاءِ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الضُّحَى، وَجَوَّزَ ابْنُ حَجَرٍ أَنْ تَكُونَ بَيَانِيَّةً لِمُقَدَّرٍ، أَيْ صَلَاةً هِيَ الضُّحَى، وَعِنْدِي أَنَّ الِابْتِدَائِيَّةَ أَظْهَرُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ، وَيَجُوزُ فَتْحُهَا لِلْعِلَّةِ. (قَالَ: " صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ) : الْأَوَّابُ: الْكَثِيرُ الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ مِنَ الْأَوْبِ وَهُوَ الرُّجُوعُ، قَالَهُ الطِّيبِيُّ: وَقِيلَ: هُوَ الْمُطِيعُ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُسَبِّحُ، وَالْمُحَقِّقُونَ مِنَ الصُّوفِيَّةِ عَلَى أَنَّ التَّوَّابَ هُوَ الرَّجَّاعُ بِالتَّوْبَةِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، وَالْأَوَّابُ هُوَ الرَّجَّاعُ بِالتَّوْبَةِ عَنِ الْغَفْلَةِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ لَا يُحَافِظُ عَلَى صَلَاةِ الضُّحَى إِلَّا أَوَّابٌ وَهِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ. (حِينَ تَرْمَضُ) : بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْمِيمِ، أَيْ: تَحْتَرِقُ (الْفِصَالُ) : جَمْعُ الْفَصِيلِ وَلَدُ النَّاقَةِ إِذَا فُصِلَ عَنْ أُمِّهِ يَعْنِي: أَخْفَاهَا مِنْ شِدَّةِ حَرِّ النَّهَارِ، وَقِيلَ ; لِأَنَّ هَذَا الْوَقْتَ زَمَانُ الِاسْتِرَاحَةِ، فَإِذَا تَرَكَهَا وَاشْتَغَلَ بِالْعِبَادَةِ اسْتَحَقَّ الثَّنَاءَ الْجَمِيلَ وَالْجَزَاءَ الْجَزِيلَ.

قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: الرَّمْضَاءُ شِدَّةُ وَقْعِ حَرِّ الشَّمْسِ عَلَى الرَّمْلِ وَغَيْرِهِ إِلَى حِينِ يَجِدُ الْفَصِيلُ حَرَّ الشَّمْسِ، فَيَبْرُكُ مِنْ حِدَّةِ حَرِّ الشَّمْسِ وَإِحْرَاقِهَا أَخْفَافَهَا، فَذَلِكَ حِينُ صَلَاةِ الضُّحَى، وَهِيَ عِنْدَ مُضِيِّ رُبُعِ النَّهَارِ، وَإِنَّمَا أَضَافَهَا إِلَى الْأَوَّابِينَ لِمَيْلِ النَّفْسِ فِيهِ إِلَى الدَّعَةِ وَالِاسْتِرَاحَةِ، فَالِاشْتِغَالُ فِيهِ بِالصَّلَاةِ أَوْبٌ مِنْ مُرَادِ النَّفْسِ إِلَى مَرْضَاةِ الرَّبِّ، قِيلَ: قَالَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ دَخَلَ مَسْجِدَ قُبَاءٍ، وَوَجَدَ أَهْلَهُ يُصَلُّونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَوَّلَهُ حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ، وَآخِرُهُ قُرْبَ الِاسْتِوَاءِ، وَأَفْضَلُهُ أَوْسَطُهُ وَهُوَ رُبُعُ النَّهَارِ، لِئَلَّا يَخْلُو كُلُّ رُبُعٍ مِنَ النَّهَارِ عَنِ الصَّلَاةِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>