١٣٥٧ - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَزَادَ مُسْلِمٌ: قَالَ: " وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ ".
وَفِي رِوَايَةِ لَهُمَا، قَالَ: " «إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» ".
ــ
١٣٥٧ - (وَعَنْهُ) ، أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً) ، أَيْ شَرِيفَةً عَظِيمَةً، وَالْحِكْمَةُ فِي إِخْفَائِهَا لِيَشْتَغِلَ النَّاسُ بِالْعِبَادَةِ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ نَهَارِهَا، رَجَاءَ أَنْ يُوَافِقَ دُعَاؤُهُمْ وَعِبَادَتُهُمْ إِيَّاهَا (لَا يُوَافِقُهَا) ، أَيْ: لَا يُصَادِفُهَا (مُسْلِمٌ) : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: عَبْدٌ مُسْلِمٌ (يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا) ، أَيْ: بِلِسَانِ الْحَالِ أَوْ بِلِسَانِ الْقَالِ (خَيْرًا) ، أَيْ: يَلِيقُ السُّؤَالُ فِيهِ (إِلَّا أَعْطَاهُ) ، أَيْ: ذَلِكَ الْمُسْلِمَ (إِيَّاهُ) ، أَيْ: ذَلِكَ الْخَيْرُ يَعْنِي: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَهُ لَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهُ لَهُ، كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَزَادَ مُسْلِمٌ: قَالَ) ، أَيِ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ) : وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: خَفِيفَةٌ وَإِشَارَةُ يَدِهِ إِلَى الْقِلَّةِ فِي حَدِيثٍ بَيَانٌ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُمْتَدَّةً كَلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَلَا يُنَافِي خَبَرًا صَحَّ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ اثْنَا عَشَرَ سَاعَةً فِيهَا سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ هُنَا كَلَامًا طَوِيلًا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّعَارُضِ وَالتَّنَاقُضِ فَتَأَمَّلْ.
(وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا) ، أَيْ لِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، (قَالَ: " إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً) : قَالَ الْجَزَرِيُّ: وَهِيَ أَرْجَى أَوْقَاتِ الْإِجَابَةِ (لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ) ، أَيْ: مُلَازِمٌ مُوَاظِبٌ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: {مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: ٧٥] . وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: وَهُوَ قَائِمٌ، وَحَمَلُوهُ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِهِ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، أَوْ لِيُلَائِمَ عُمُومَ قَوْلِهِ: (يُصَلِّي) : أَوِ الْمُرَادُ لَهُ يَدْعُو وَيَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، وَإِنَّمَا أَوَّلْنَا هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ لِيَتَوَافِقَ جَمِيعَ الرِّوَايَاتِ. (يَسْأَلُ اللَّهُ خَيْرًا) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمُبَاحَ، وَفِيهِ أَنَّ الْمُبَاحَ لَا يُوصَفُ بِخَيْرٍ وَلَا بِشَرٍّ، غَايَتَهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ تَعَالَى يُعْطِي الْخَيْرَ فَلَا يَمْنَعُ الْمُبَاحَ (إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ: قَائِمٌ يُصَلِّي. . . . . إِلَخْ. كُلُّهَا صِفَاتٌ لِمُسْلِمٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي حَالًا لِاتِّصَافِهِ بِقَائِمٍ وَيَسْأَلُ إِمَّا حَالٌ مُتَرَادِفَةٌ أَوْ مُتَدَاخِلَةٌ. زَادَ النَّوَوِيُّ: إِذْ مَعْنَى يُصَلِّي يَدْعُو.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute