(" أَوْ مَرِيضٍ ") ، أَيْ: مَرَضًا يَشُقُّ مَعَهُ الْحُضُورُ عَادَةً، وَفِي مَعْنَاهُ الْمُسَافِرُ وَهُوَ سَيَأْتِي صَرِيحًا فِي حَدِيثٍ، وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي ضَعُفَ يَلْحَقُ بِالْمَرِيضِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اهـ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَجِبُ عَلَى الْأَعْمَى مُطْلَقًا، وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ إِنْ وَجَدَ قَائِدًا، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُقْعَدِ وَمَقْطُوعِ الرِّجْلَيْنِ، وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَحْمِلُهُ، وَالْمُمَرِّضُ كَالْمَرِيضِ إِنْ بَقِيَ الْمَرِيضُ ضَائِعًا بِذَهَابِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: بِرَفْعِ عَبْدٍ، وَمَا بَعْدَهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَهُوَ: هُمْ، وَ (أَوْ) بِمَعْنَى الْوَاوِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْأَحْسَنُ جَعْلُهُ اسْتِثْنَاءً مِنْ وَاجِبٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَالتَّقْدِيرُ: إِلَّا أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى أَرْبَعَةٍ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ وَالْعَبْدِ الَّذِي حَضَرَ مَعَ مَوْلَاهُ بَابَ الْمَسْجِدِ لِحِفْظِ الدَّابَّةِ إِذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْحِفْظِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : وَقَالَ: طَارِقٌ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ بِذَاكَ، قَالَ النَّوَوِيُّ: رِجَالُ إِسْنَادِهِ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ، وَمَا قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ سَمَاعُهُ فَهُوَ مُرْسَلُ صَحَابِيٍّ، وَهُوَ حُجَّةٌ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ مِيرَكُ، وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَلَيْسَ هَذَا قَدْحًا فِي صُحْبَتِهِ، وَلَا فِي الْحَدِيثِ، بَلْ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ مَرْفُوعًا " «الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ إِلَّا عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ أَوْ مُسَافِرٍ» " وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرَوَيْهِ، وَزَادَ فِيهِ الْمَرْأَةَ وَالْمَرِيضَ.
(وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ) ، أَيْ: لِلْبَغَوِيِّ (بِلَفْظِ الْمَصَابِيحِ، عَنْ رَجُلٍ) : مُتَعَلِّقٌ بِلَفْظِ الْمَصَابِيحِ، قَالَهُ الطِّيبِيُّ. (مِنْ بَنِي وَائِلٍ) : لَفْظُ شَرْحِ السُّنَّةَ، كَذَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا مِنْ بَنِي وَائِلٍ يَقُولُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِلَّا امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ» ". وَرَوَاهُ طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَادَ " أَوْ مَرِيضٍ ". وَطَارِقُ بْنُ شِهَابٍ قَدْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا اهـ.
وَلَيْسَ فِي الْمَصَابِيحِ أَيْضًا زِيَادَةُ: " أَوْ مَرِيضٍ " قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَجَاءَ أَيْضًا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ، إِلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ (عَلَى) بَعْدَ (إِلَّا) ، فَقَالَ: إِلَّا أَرْبَعَةً. قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْهُمَامِ الْحَدِيثَ بِلَفْظِ: " الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: مَمْلُوكٌ أَوِ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَرِيضٌ "، وَقَالَ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute