للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ لَا تَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَكَلَّمَ قَبْلَ جُلُوسِهِ، أَوْ قَبْلَ شُرُوعِهِ، أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مَعَ احْتِمَالِ نَسْخِهِ أَوْ خُصُوصِيَّتِهِ أَوْ عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْحُكْمِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَنْعُ الْأَصْحَابِ بِالْإِشَارَةِ وَلَوْ كَانَ الْكَلَامُ جَائِزًا لَمَا مَنَعُوهُ، وَحَمْلُ اللَّغْوِ فِي الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى تَرْكِ الْأَدَبِ فِي غَايَةٍ مِنَ الْبُعْدِ ; فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يُشَبِّهُ مَنْ تَرَكَ الْأَدَبَ بِالْحِمَارِ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: ٢٠٤] فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا الْمُرَادُ بِهِ الْخُطْبَةُ أَوْ شَامِلٌ لَهَا (لَيْسَ لَهُ جُمُعَةٌ) أَيْ: كَامِلَةٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ وَمَنْ أَسْكَتَهُ فَقَدْ لَغَا، فَلَيْسَ لَهُ فَضِيلَةُ الْجُمُعَةِ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَنْ لَغَا كَانَتْ صَلَاتُهُ ظُهْرًا، وَحُرِمَ فَضْلَ الْجُمُعَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أُبَيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِمَنْ سَأَلَهُ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ وَقَدْ قَرَأَ سُورَةَ بَرَاءَةَ - مَتَى أُنْزِلَتْ؟ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ، فَلَمَّا صَلَّوْا قَالَ لَهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي؟ قَالَ إِنَّكَ لَمْ تَشْهَدْ مَعَنَا الْجُمُعَةَ، فَجَاءَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: صَدَقَ أُبَيٌّ. اهـ.

وَهُوَ يَصْلُحُ دَلِيلًا لِنَسْخِ جَوَازِ الْكَلَامِ السَّابِقِ ; فَإِنَّ سُورَةَ بَرَاءَةَ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ، نَعَمْ، الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفْيِ شُهُودِهَا نَفْيٌ لِكَمَالِ ثَوَابِهَا لَا لِأَصْلِهُ، وَإِلَّا لَأَمَرَ بِإِعَادَتِهَا. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَا تَبْطُلُ الْجُمُعَةُ بِالْكَلَامِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ قُلْنَا بِحُرْمَتِهِ، وَخَبَرُ: فَلَا جُمُعَةَ لَهُ أَيْ: كَامِلَةٌ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ) . قَالَ مِيرَكُ: وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ: وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>