للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَجَعَلَ يُسَبِّحُ وَيُهَلِّلُ، وَيُكَبِّرُ وَيُحَمِّدُ، وَيَدْعُو حَتَّى حَسَرَ) أَيْ: أُزِيلَ الْكُسُوفُ وَكُشِفَ. (عَنْهَا) أَيْ: عَنِ الشَّمْسِ. (فَلَمَّا حَسَرَ عَنْهَا) قَرَأَ سُورَتَيْنِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إِنَّمَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَرَأَ فِيهِمَا سُورَتَيْنِ ; لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ بَعْدَ إِذْهَابِ الْكُسُوفِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا سَبَقَ مِنَ الْأَحَادِيثِ.

قَالَ الطِّيبِيُّ: يَعْنِي دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، وَوَقَفَ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، وَطَوَّلَ التَّسْبِيحَ وَالتَّهْلِيلَ، وَالتَّكْبِيرَ وَالتَّحْمِيدَ، حَتَّى ذَهَبَ الْخُسُوفُ، ثُمَّ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَرَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَقَرَأَ فِيهَا الْقُرْآنَ، وَرَكَعَ وَسَجَدَ، وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ اهـ.

وَهُوَ يُنَافِي مَا قَدْ سَبَقَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ: أَنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزِيدُ فِي عَدَدِ الرُّكُوعَاتِ إِذَا تَمَادَى الْكُسُوفُ، وَلِمَا سَيَأْتِي: أَنَّهُ صَلَّى حَتَّى انْجَلَتْ. وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ: وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ.

(رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ) قَالَ مِيْرَكُ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا. (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَكَذَا فِي شَرْحِ السُّنَّةِ) أَيْ: لِلْبَغَوِيِّ. (عَنْهُ) أَيْ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. (وَفِي نُسَخِ الْمَصَابِيحِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ) أَيْ: بَدَلَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَحَدَّثَ حَدِيثَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَكِتَابِ الْحُمَيْدِيِّ، وَالْجَامِعِ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ بِرِوَايَتِهِ، وَلَمْ أَجِدْ لَفْظَ الْمَصَابِيحِ فِي الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ بِرِوَايَةِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ذَكَرَهُ الطِّيبِىُّ.

قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: لَهُ أَيْ: لِلشَّافِعِيِّ رِوَايَةُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: أَخْرَجَ السِّتَّةُ عَنْهَا قَالَتْ: «خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَامَ فَكَبَّرَ فَصَفَّ النَّاسَ وَرَاءَهُ، فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ قَامَ فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا هُوَ أَدْنَى مِنَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَاسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَكْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى اللَّهِ» ، ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَلَنَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ.

وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: «انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَامَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَمْ يَكَدْ يَرْكَعُ، ثُمَّ رَكَعَ فَلَمْ يَكَدْ يَرْفَعُ، ثُمَّ رَفَعَ فَلَمْ يَكَدْ يَسْجُدُ، ثُمَّ سَجَدَ فَلَمْ يَكَدْ يَرْفَعُ، ثُمَّ رَفَعَ فَلَمْ يَكَدْ يَسْجُدُ، ثُمَّ سَجَدَ فَلَمْ يَكَدْ يَرْفَعُ، ثُمَّ رَفَعَ. وَفَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ» . وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ.

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ «عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا وَغُلَامٌ مِنَ الْأَنْصَارِ نَرْمِي غَرَضَيْنِ لَنَا، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فِي عَيْنِ النَّاظِرِ مِنَ الْأُفُقِ اسْوَدَّتْ حَتَّى آضَتْ أَيْ: صَارَتْ كَأَنَّهَا تَنُّومَةٌ بِتَشْدِيدِ النُّونِ شَجَرٌ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَوَاللَّهِ، لِيُحْدِثَنَّ شَأْنُ هَذِهِ الشَّمْسِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُمَّتِهِ حَدَثًا. قَالَ: فَدَفَعَنَا فَإِذَا هُوَ بَارِزٌ، فَاسْتَقْدَمَ فَصَلَّى، فَقَامَ كَأَطْوَلِ مَا قَامَ بِنَا فِي صَلَاةٍ قَطُّ لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَوَافَقَ تَجَلِّي الشَّمْسِ جُلُوسَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ سَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَشَهِدَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» ، وَفِي أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي أَصْلِ الْمِشْكَاةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>