للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ انْقَلَبَ الْيَمِينُ يَسَارًا وَالْيَسَارُ يَمِينًا، وَالْأَعْلَى أَسْفَلَ وَبِالْعَكْسِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: إِنْ كَانَ مُرَبَّعًا يَجْعَلُ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ، وَإِنْ كَانَ مُدَوَّرًا كَالْجُبَّةِ يَجْعَلُ جَانِبَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَمَا رَوَاهُ كَانَ تَفَاؤُلًا. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: اعْتِرَافٌ بِرِوَايَتِهِ، وَمَنَعَ اسْتِنَانَهُ ; لِأَنَّهُ فِعْلٌ لِأَمْرٍ لَا يَرْجِعُ إِلَى مَدَى الْعِبَادَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ التَّحْوِيلِ كَانَ تَفَاؤُلًا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَصَحَّحَهُ، قَالَ: «وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ لِيَتَحَوَّلَ الْقَحْطُ» . وَفِي طِوَالَاتِ الطَّبَرَانِيِّ، مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: «وَقَلَبَ رِدَاءَهُ لِكَيْ يَتَقَلَّصَ الْقَحْطُ إِلَى الْخِصْبِ» ، وَفِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ: «لِتَتَحَوَّلَ السَّنَةُ مِنَ الْجَدْبِ إِلَى الْخِصْبِ» ، ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِ وَكِيعٍ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَطُولُ رِدَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ، وَعَرْضُهُ ذِرَاعَانِ وَشِبْرٌ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ، وَزَادَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ: جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ. وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَصَحَّحَهُ، وَقَالَ فِيهِ: «فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَبَّرَ فِي الْأُولَى سَبْعَةَ تَكْبِيرَاتٍ، وَقَرَأَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١] وَقَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: ١] ، وَكَبَّرَ فِيهَا خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ» ، فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، كَمَا زَعَمَ، بَلْ هُوَ ضَعِيفٌ مُعَارَضٌ، أَمَّا ضَعْفُهُ فَبِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَالنَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ، وَأَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، لَيْسَ لَهُ حَدِيثٌ مُسْتَقِيمٌ، وَأَمَّا الْمُعَارَضَةُ فِيمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اسْتَسْقَى، فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُكَبِّرْ فِيهِمَا إِلَّا تَكْبِيرَةً» . وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ يَزِدْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ اهـ. وَلَهُ يَظْهَرُ بُطْلَانُ قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا كَالْعِيدِ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا تُصَلَّى الْعِيدُ، وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ مَالِكٍ: إِنَّهَا كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ، وَلَيْسَتْ كَالْعِيدِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>