١٥٣٠ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ، مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءٌ لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
١٥٣٠ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اشْتَكَى) أَيْ: مَرِضَ (مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ) أَيِ: النَّبِيُّ ذَلِكَ الْمَرِيضَ. (بِيَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ) أَيْ: دَاعِيًا. (أَذْهِبِ الْبَاسَ) أَيْ: أَزِلْ شِدَّةَ الْمَرَضِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: اللَّهُمَّ أَذْهِبِ الْبَاسَ، وَهُوَ بِإِبْدَالِ الْهَمْزِ هُنَا مُرَاعَاةً لِلسَّجْعِ فِي قَوْلِهِ ". (رَبَّ النَّاسِ) : نَصْبًا بِحَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْعَسْقَلَانِيَّ قَالَ: الْبَاسُ بِغَيْرِ هَمْزٍ لِلِازْدِوَاجِ، فَإِنَّ أَصْلَهُ الْهَمْزَةُ. (وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي) : وَلَمْ يَقُلْ: وَأَنْتَ الْمُمْرِضُ أَدَبًا، كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: ٨٠] وَلَمَّا لَمْ يَفْهَمْ كُلُّ أَحَدٍ هَذَا الْمَعْنَى صَرَّحَ الصِّدِّيقُ هَذَا الْمَعْنَى. وَقَالَ: الَّذِي أَمْرَضَنِي يَشْفِينِي) ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي. قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: كَذَا لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ بِالْوَاوِ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِحَذْفِهَا، وَالضَّمِيرُ فِي اشْفِهِ لِلْعَلِيلِ أَوْ هِيَ هَاءُ السَّكْتِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ فِي ذَلِكَ مَا يُوهِمُ نَقْصًا، وَالثَّانِي: أَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي الْقُرْآنِ، وَهَذَا فِي ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: ٨٠] . ( «وَلَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ» ) : هَذَا مُؤَكِّدٌ لِقَوْلِهِ: أَنْتَ الشَّافِي. قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ قَوْلُهُ: لَا شِفَاءَ بِالْمَدِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ لَنَا أَوَّلُهُ. وَقَوْلُهُ: إِلَّا شِفَاؤُكَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ مَوْضِعِ لَا شِفَاءَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ، لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ كُلَّ مَا يَقَعُ مِنَ الدَّوَاءِ وَالتَّدَاوِي لَا يَنْجَعُ إِنْ لَمْ يُصَادِفْ تَقْدِيرَ اللَّهِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ: لَا شِفَاءَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْحَصْرِ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ: أَنْتَ الشَّافِي ; لِأَنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ إِذَا كَانَ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ أَفَادَ الْحَصْرَ ; لِأَنَّ تَدْبِيرَ الطَّبِيبِ، وَدَفْعِ الدَّوَاءِ لَا يَنْجَعُ فِي الْمَرِيضِ إِذَا لَمْ يُقَدِّرِ اللَّهُ الشِّفَاءَ، وَقَوْلُهُ: ( «شِفَاءٌ لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» ) : تَكْمِيلٌ لِقَوْلِهِ: اشْفِ. وَالْجُمْلَتَانِ مُعْتَرِضَتَانِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ، وَقَوْلُهُ: لَا يُغَادِرُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: لَا يَتْرُكُ، وَسَقَمًا بِفَتْحَتَيْنِ وَبِضَمٍّ وَسُكُونٍ مَرَضًا، وَالتَّنْكِيرُ لِلتَّقْلِيلِ. قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: قَوْلُهُ: (شِفَاءً) مَنْصُوبٌ بِقَوْلِهِ: اشْفِ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ أَيْ: هَذَا أَوْ هُوَ، وَفَائِدَةُ التَّقْيِيدِ أَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ الشِّفَاءُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ. فَيَخْلُفُهُ مَرَضٌ آخَرُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَثَلًا، فَكَانَ يَدْعُو بِالشِّفَاءِ الْمُطْلَقِ لَا بِمُطْلَقِ الشِّفَاءِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute