١٥٦٩ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مُثِّلَ ابْنُ آدَمَ وَإِلَى جَنْبِهِ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ مَنِيَّةً، إِنْ أَخْطَأَتْهُ الْمَنَايَا وَقَعَ فِي الْهَرَمِ حَتَّى يَمُوتَ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ــ
١٥٦٩ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِخِّيرٍ) : بِكَسْرِ الشِّينِ وَتَشْدِيدِ الْمُعْجَمَةِ. (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُثِّلَ) : بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ: صُوِّرَ وَخُلِقَ. (ابْنُ آدَمَ) : وَقِيلَ: مَثَلُ ابْنِ آدَمَ بِفَتْحَتَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْمُثَلَّثَةِ، وَيُرِيدُ بِهِ صِفَتَهُ وَحَالَهُ الْعَجِيبَةَ الشَّأْنِ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ بِالْجُمْلَةِ الَّتِي بَعْدَهُ، أَيِ: الظَّرْفُ، وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ مُرْتَفِعٌ بِهِ أَيْ: حَالُ ابْنِ آدَمَ أَنَّ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ مَنِيَّةً مُتَوَجِّهَةً إِلَى نَحْوِهِ، مُنْتَهِيَةً إِلَى جَانِبِهِ، وَقِيلَ: خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: مَثَلُ ابْنِ آدَمَ مَثَلُ الَّذِي يَكُونُ إِلَى جَنْبِهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ مَنِيَّةً، وَلَعَلَّ الْحَذْفَ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ. (وَإِلَى جَنْبِهِ) : الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ: بِقُرْبِهِ. (تِسْعٌ) : وَفِي الْمَصَابِيحِ: تِسْعَةٌ. (وَتِسْعُونَ) أَرَادَ بِهِ الْكَثْرَةَ دُونَ الْحَصْرِ. (مَنِيَّةً) : بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ: بَلِيَّةً مُهْلِكَةً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ: سَبَبُ مَوْتٍ. (إِنْ أَخْطَأَتْهُ الْمَنَايَا) : قَالَ الطِّيبِيُّ: الْمَنَايَا جَمْعُ مَنِيَّةٍ وَهِيَ الْمَوْتُ ; لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ مِنَ الْمُنَى، وَهُوَ التَّقْدِيرُ سَمَّى كُلَّ بَلِيَّةٍ مِنَ الْبَلَايَا مَنِيَّةً ; لِأَنَّهَا طَلَائِعُهَا وَمُقَدِّمَاتُهَا اهـ. أَيْ: إِنْ جَاوَزَتْهُ فَرْضًا أَسْبَابُ الْمَنِيَّةِ مِنَ الْأَمْرَاضِ، وَالْجُوعِ، وَالْغَرَقِ، وَالْحَرْقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. (وَقَعَ فِي الْهَرَمِ) أَيْ: فِي مَجْمَعِ الْمَنَايَا وَمَنْبَعِ الْبَلَايَا. (حَتَّى يَمُوتَ) : مِنْ جُمْلَةِ الْبَرَايَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: يُرِيدُ أَنَّ أَصْلَ خَلْقِهِ الْإِنْسَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا تُفَارِقَهُ الْمَصَائِبُ وَالْبَلَايَا وَالْأَمْرَاضُ وَالْأَدْوَاءُ، كَمَا قِيلَ: الْبَرَايَا أَهْدَافُ الْبَلَايَا، وَكَمَا قَالَ صَاحِبُ الْحِكَمِ ابْنُ عَطَاءٍ: مَا دُمْتَ فِي هَذِهِ الدَّارِ لَا تَسْتَغْرِبْ وُقُوعَ الْأَكْدَارِ، فَإِنْ أَخْطَأَتْهُ تِلْكَ النَّوَائِبُ عَلَى سَبِيلِ النُّدْرَةِ أَدْرَكَهُ مِنَ الْأَدْوَاءِ الدَّاءُ الَّذِي لَا دَوَاءَ لَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الْكَافِرِ، فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ صَابِرًا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ، رَاضِيًا بِمَا قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَضَاهُ، فَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ. ( «مَنْ لَمْ يَرْضَ بِقَضَائِي، وَلَمْ يَصْبِرْ عَلَى بَلَائِي، فَلْيَلْتَمِسْ رَبًّا سِوَائِي» ) . (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) : وَزَادَ مِيرَكُ: حَسَنٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute