١٥٧٠ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلَاءِ الثَّوَابَ، لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ــ
١٥٧٠ - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) -: (يَوَدُّ) أَيْ: يَتَمَنَّى. (أَهْلُ الْعَافِيَةِ) أَيْ: فِي الدُّنْيَا. (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) : ظَرْفُ يَوَدُّ. (حِينَ يُعْطَى) : عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. (أَهْلُ الْبَلَاءِ الثَّوَابَ) : مَفْعُولٌ ثَانٍ أَيْ: كَثِيرًا، أَوْ بِلَا حِسَابٍ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: ١٠] . (لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ) : بِالتَّخْفِيفِ، وَيُحْتَمَلُ التَّشْدِيدُ لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّأْكِيدِ أَيْ: قُطِّعَتْ. (فِي الدُّنْيَا) : قِطْعَةً قِطْعَةً. (بِالْمَقَارِيضِ) : جَمْعُ الْمِقْرَاضِ ; لِيَجِدُوا ثَوَابًا كَمَا وَجَدَ أَهْلُ الْبَلَاءِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: الْوُدُّ مَحَبَّةُ الشَّيْءِ، وَتَمَنِّي كَوْنِهِ لَهُ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ مِنَ الْمَحَبَّةِ وَالتَّمَنِّي، وَفِي الْحَدِيثِ هُوَ مِنَ الْمَوَدَّةِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى التَّمَنِّي، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ أَنَّ إِلَخْ، نَزَلَ مَنْزِلَةَ مَفْعُولِ يَوَدُّ، كَأَنَّهُ قِيلَ: يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ مَا يُلَازِمُ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ مُقْرَضَةً فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ الثَّوَابُ الْمُعْطَى.
قَالَ مِيرَكُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَفْعُولَ يَوَدُّ الثَّوَابُ عَلَى طَرِيقِ التَّنَازُعِ، وَقَوْلُهُ: لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ: حَالٌ أَيْ: مُتَمَنِّينَ أَنَّ جُلُودَهُمْ إِلَخْ، أَوْ قَائِلِينَ: لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ، عَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ إِلَى الْغَيْبَةِ اهـ. وَهَذَا كُلُّهُ تَكَلُّفٌ، بَلْ تَعَسُّفٌ، وَالظَّاهِرُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي جَوَابِ الْإِشْكَالِ الْوَارِدِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران: ٣٠] ، وَهُوَ أَنَّ لَوْ إِنَّمَا دَخَلَتْ عَلَى فِعْلٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: تَوَدُّ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ بَيْنَهَا. وَأُجِيبُ: أَيْضًا بِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ اللَّفْظِيِّ بِمُرَادِفِهِ نَحْوِ: (فِجَاجًا) . (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) قَالَ مِيرَكُ: وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَالْحَدِيثُ حَسَنٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute