للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦١٢ - وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: أَرْجُو اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو، وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

ــ

١٦١٢ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ) أَيْ: فِي سَكَرَاتِهِ. (فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟) أَيْ: أَطَيِّبًا أَمْ مَغْمُومًا؟ قَالَهُ الزَّيْنُ: وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَيْ: كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ أَوْ نَفْسَكَ فِي التَّنْقَالِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ، أَرَاجِيًا رَحْمَةَ اللَّهِ أَوْ خَائِفًا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ؟ . (قَالَ: أَرْجُو اللَّهَ) أَيْ: أَجِدُنِي أَرْجُو رَحْمَتَهُ. (يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنِّي) أَيْ: مَعَ هَذَا. (أَخَافَ ذُنُوبِي) قَالَ الطِّيبِيُّ: عَلَّقَ الرَّجَاءَ بِاللَّهِ وَالْخَوْفَ بِالذَّنْبِ وَأَشَارَ بِالْفِعْلِيَّةِ إِلَى أَنَّ الرَّجَاءَ حَدَثَ عِنْدَ السِّيَاقِ، وَبِالِاسْمِيَّةِ وَالتَّأْكِيدِ إِلَى أَنَّ خَوْفَهُ كَانَ مُسْتَمِرًّا مُحَقَّقًا. (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا يَجْتَمِعَانِ) بِالتَّذْكِيرِ. أَيِ: الرَّجَاءُ وَالْخَوْفُ عَلَى مَا فِي الْمَفَاتِيحِ وَغَيْرِهِ، وَبِالتَّأْنِيثِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ: أَيْ: هَاتَانِ الْخَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ. (فِي قَلْبِ عَبْدٍ) أَيْ: مِنْ عِبَادِ اللَّهِ. (فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ) أَيْ: فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَهُوَ زَمَانُ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَمِثْلُهُ كَانَ زَمَانٌ يُشْرِفُ عَلَى الْمَوْتِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا: كَوَقْتِ الْمُبَارَزَةِ، وَزَمَانِ الْقِصَاصِ وَنَحْوِهِمَا، فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى الْقَوْلِ بِزِيَادَةِ الْمِثْلِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: مِثْلُ زَائِدَةٌ، وَالْمَوْطِنُ إِمَّا مَكَانٌ أَوْ زَمَانٌ كَمَقْتَلِ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ، لَكِنَّ قَوْلَهُ: إِمَّا مَكَانٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا لَا يَخْفَى ثُمَّ مِنَ الْغَرِيبِ جَعْلُ ابْنِ حَجَرٍ مِثْلَ هَذَا الْمَوْطِنِ كَمِثْلِكَ لَا يَبْخَلُ وَكَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَالْحَالُ أَنَّ الْمِثْلَ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ غَيْرُ زَائِدٍ ; لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْمُبَالَغَةُ بِقَوْلِهِ: مِثْلُكَ لَا يَبْخَلُ فَأَنْتَ أَوْلَى بِأَنْ لَا تَبْخَلَ، أَوْ أُرِيدَ بِهِ النَّفْيُ بِالطَّرِيقِ الْبُرْهَانِيِّ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْأَجْوِبَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] وَهُوَ مَسْلَكٌ دَقِيقٌ، وَبِالتَّأْوِيلِ حَقِيقٌ، وَقَدْ حَرَّرْنَاهُ مَعَ سَائِرِ الْأَجْوِبَةِ فِي الْمَوَاضِعِ اللَّائِقَةِ بِهِ. (إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو) أَيْ: مِنَ الرَّحْمَةِ. (وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ) أَيْ: مِنَ الْعُقُوبَةِ بِالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) قَالَ مِيرَكُ: عَنِ الْمُنْذِرِيِّ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا أَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>