١٦٢٨ - وَعَنْهُ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا خَرَجَتْ رُوحُ الْمُؤْمِنِ تَلَقَّاهَا مَلَكَانِ يُصْعِدَانِهَا. قَالَ حَمَّادٌ: فَذَكَرَ مِنْ طِيبِ رِيحِهَا وَذَكَرَ الْمِسْكَ. قَالَ: وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ: رُوحٌ طَيِّبَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْأَرْضِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ، وَعَلَى جَسَدٍ كُنْتِ تُعَمِّرِينَهُ ; فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى رَبِّهِ ثُمَّ يَقُولُ: انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى آخِرِ الْأَجَلِ.
قَالَ: وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا خَرَجَتْ رُوحُهُ قَالَ حَمَّادٌ: وَذَكَرَ مِنْ نَتْنِهَا، وَذَكَرَ لَعْنًا، وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ: رُوحٌ خَبِيثَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْأَرْضِ، فَيُقَالُ: انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى آخِرِ الْأَجَلِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَرَدَّ رَسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَيْطَةً كَانَتْ عَلَى أَنْفِهِ هَكَذَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
١٦٢٨ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِذَا خَرَجَتْ رُوحُ الْمُؤْمِنِ تَلَقَّاهَا مَلَكَانِ يُصْعِدَانِهَا» ) هَذَا تَفْصِيلٌ لِلْمُجْمَلِ السَّابِقِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا الْكَرِيمَانِ الْكَاتِبَانِ، وَلَا يُنَافِي الْجَمْعَ فِيمَا مَرَّ، أَمَّا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: أَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ فَالِاحْتِمَالُ أَنَّ الْحَاضِرِينَ جَمْعٌ وَالْمُفَوَّضُ إِلَيْهِ مِنْهُمْ ذَلِكَ اثْنَانِ وَالْبَقِيَّةُ أَوِ الْكُلُّ يَقُولُونَ لِرُوحِهِ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ، أَوِ الْقَائِلُ وَاحِدٌ، وَنُسِبَ إِلَى الْكُلِّ مَجَازًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَعَقَرُوهَا} [هود: ٦٥] وَكَقَوْلِهِمْ: قَتَلَهُ بَنُو فُلَانٍ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ الْبَرَاءِ الْآتِي. (قَالَ حَمَّادٌ) وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ، أَحَدُ رُوَاةِ هَذَا دُونَ الْحَدِيثِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ. وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ رَاوِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. (فَذَكَرَ) أَيْ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوِ الصَّحَابِيُّ وَهُوَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ نِسْيَانَ رَاوِيهِ لَفْظَ النُّبُوَّةِ فِي هَذَا دُونَ مَعْنَاهُ فَذَكَرَهُ بِسِيَاقٍ يُشْعِرُ بِذَلِكَ. (مِنْ طِيبِ رِيحِهَا) أَيْ: أَوْصَافًا عَظِيمَةً مِنْ طِيبِ رِيحِهَا. (وَذَكَرَ) أَيْ: وَمِنْ أَنْوَاعِ ذَلِكَ. (الْمِسْكَ) قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ: وَذَكَرَ الْمِسْكَ، لَكِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ كَالتَّشْبِيهِ أَوِ الِاسْتِعَارَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ اهـ. وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ: الْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: وَذَكَرَ أَنَّ طِيبَ رِيحِهَا أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. (قَالَ:) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ) أَرَادَ بِهِ الْجِنْسَ أَيْ: كُلُّ سَمَاءٍ. (رُوحٌ طَيِّبَةٌ) مُبْتَدَأٌ أَوْ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ: هُوَ أَوْ هِيَ، وَقَوْلُهُ: (جَاءَتْ) يَعْنِي الْآنَ. (مِنْ قِبَلِ الْأَرْضِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ: مِنْ جِهَتِهَا صِفَةٌ ثَانِيَةٌ. (صَلَّى اللَّهُ) أَيْ: أَنْزَلَ الرَّحْمَةَ. (عَلَيْكَ) قَالَ الطِّيبِيُّ: فِي عَلَيْكَ الْتِفَاتٌ مِنَ الْغَيْبَةِ فِي قَوْلِهِ: جَاءَتْ إِلَى الْخِطَابِ، وَفَائِدَتُهُ مَزِيدُ اخْتِصَاصٍ لَهَا بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا، قُلْتُ: وَلِمَزِيدِ التَّلَذُّذِ بِخِطَابِهِمْ إِيَّاهَا. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَكَرَاهَةُ الصَّلَاةِ اسْتِقْلَالًا عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ مَحَلُّهَا إِنْ صَدَرَتْ مِنْ غَيْرِهِمْ لَا مِنْهُمْ لِقَوْلِ الْعُلَمَاءِ فِي صَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ مِنْ تَبَرُّعِ صَاحِبِ الْحَقِّ بِهِ اهـ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: ١٠٣] وَلِقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: " {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} [الأحزاب: ٤٣] . (وَعَلَى جَسَدٍ كُنْتِ تَعْمُرِينَهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ يَعْنِي عَلَى ظَاهِرِكِ وَبَاطِنِكِ، وَتَقْدِيمُ الْبَاطِنِ لِأَنَّهُ أَهَمُّ، وَالنَّظَرُ إِلَيْه أَتَمُّ، قَالَ الطِّيبِيُّ: اسْتِعَارَةٌ، شَبَّهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute