تَدْبِيرَهَا الْبَدَنَ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ بِعِمَارَةِ مَنْ يَتَوَلَّى مَدِينَةً وَيُعَمِّرُهَا بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ. (فَيُنْطَلَقُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، وَفِي رِوَايَةٍ فَيَنْطَلِقُونَ. (بِهِ إِلَى رَبِّهِ) أَيْ: إِلَى مَوْضِعِ حُكْمِهِ، أَوْ عَرْشِ رَبِّهِ، وَمَقَامِ قُرْبِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآتِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ. (ثُمَّ يَقُولُ) أَيِ: الرَّبُّ سُبْحَانَهُ. (انْطَلِقُوا بِهِ) أَيِ: الْآنَ، أَيْ: لِيَكُونَ مُسْتَقِرًّا فِي الْجَنَّةِ أَوْ عِنْدَهَا. (إِلَى آخِرِ الْأَجَلِ) ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُ بِحُكْمِ الْأَزَلِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَجَلِ هُنَا مُدَّةُ الْبَرْزَخِ. قَالَ) الطِّيبِيُّ: يُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ أَجَلَيْنِ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} [الأنعام: ٢] أَيْ: أَجَلُ الْمَوْتِ وَأَجَلُ الْقِيَامَةِ. (قَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَأَنَّ الْكَافِرَ إِذَا خَرَجَتْ رُوحُهُ. قَالَ حَمَّادٌ: وَذَكَرَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوِ الصَّحَابِيُّ. (مِنْ نَتْنِهَا) بِسُكُونِ التَّاءِ أَيْ: عَفَنِهَا. (وَذَكَرَ لَعْنًا) أَيْ: مَعَ النَّتَنِ، فَإِنَّ الْبُعْدَ مِنْ لَوَازِمِ النَّتَنِ. (وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ) مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ. (رُوحٌ خَبِيثَةٌ جَاءَتْ) أَيْ: قَارَبَتِ السَّمَاءَ. (مِنْ قِبَلِ الْأَرْضِ فَيُقَالُ: انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى آخِرِ الْأَجَلِ) قَالَ الطِّيبِيُّ: ذَكَرَ هَاهُنَا يُقَالُ، وَفِي الْأَوَّلِ يَقُولُ رِعَايَةً لِحُسْنِ الْأَدَبِ حَيْثُ نَسَبَ الرَّحْمَةَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَلَمْ يَنْسِبْ إِلَيْهِ الْغَضَبَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧] . (قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَرَدَّ رَسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَيْطَةً) وَهِيَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ، كُلُّ مُلَاءَةٍ عَلَى طَاقَةٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَتْ لُفْقَتَيْنِ أَيْ: طَرَفُ رَيْطَةٍ. (كَانَتْ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى بَدَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. (عَلَى أَنْفِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَدَّ. قَالَ الطِّيبِيُّ: كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كُوشِفَ بِرُوحِ الْكَافِرِ، وَشَمَّ مِنْ نَتَنِ رِيحِ رُوحِهِ. (هَكَذَا) أَيْ: كَفِعْلِي هَذَا، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى أَنْفِهِ بِكَيْفِيَّةٍ خَاصَّةٍ، صَدَرَتْ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَمْثِيلٌ أَيْ: فِيهَا مِنَ النَّتَنِ وَالْقُبْحِ مَا لَوْ ظَهَرَ لِأَحَدِكُمْ لَغَطَّى أَنْفَهُ عَنْهُ كَذَلِكَ اهـ. وَهُوَ خُرُوجٌ عَنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ لِغَيْرِ بَاعِثٍ نَقْلِيٍّ أَوْ عَقْلِيٍّ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute