١٦٢٩ - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِذَا حُضِرَ الْمُؤْمِنُ أَتَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيًّا عَنْكِ إِلَى رَوْحِ اللَّهِ وَرَيْحَانٍ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ حَتَّى إِنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى يَأْتُوا بِهِ أَبْوَابَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُونَ: مَا أَطْيَبَ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتِي جَاءَتْكُمْ مِنَ الْأَرْضِ! فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ.
فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحًا بِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِغَائِبِهِ يَقْدُمُ عَلَيْهِ فَيَسْأَلُونَهُ مَاذَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ مَاذَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُونَ: دَعُوهُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمِّ الدُّنْيَا. فَيَقُولُ: قَدْ مَاتَ أَمَا أَتَاكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: قَدْ ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا احْتُضِرَ أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ بِمِسْحٍ فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطٌ عَلَيْكِ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ إِلَى بَابِ الْأَرْضِ فَيَقُولُونَ: مَا أَنْتَنَ هَذِهِ الرِّيحَ؟ حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.
ــ
١٦٢٩ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِذَا حُضِرَ الْمُؤْمِنُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَفِي رِوَايَةٍ إِذَا قُبِضَ. (أَتَتْ) أَيْ: جَاءَتْهُ. (مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ) وَلَعَلَّ رُوحَهُ تُلَفُّ فِيهَا، وَتُرْفَعُ إِلَى السَّمَاءِ، وَالْكَفَنُ الدُّنْيَوِيُّ يَصْحَبُ الْجَسَدَ الصُّورِيَّ. (فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي) أَيْ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ. (رَاضِيَةً) عَنِ اللَّهِ سَابِقًا بِثَوَابِ اللَّهِ لَاحِقًا. (مَرْضِيًّا عَنْكِ) أَيْ: أَوَّلًا وَآخِرًا. (إِلَى رَوْحِ اللَّهِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ: رَحْمَتِهِ أَوْ رَاحَةٍ مِنْهُ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} [الفجر: ٢٨] . (وَرَيْحَانٍ) أَيْ: رِزْقٍ كَرِيمٍ، أَوْ مَشْمُومٍ عَظِيمٍ. (وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ) أَيْ: رَءُوفٍ رَحِيمٍ. (فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ) قَالَ الطِّيبِيُّ: الْكَافُ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: تَخْرُجُ خُرُوجًا مِثْلَ رِيحِ مِسْكٍ بِفَتْقِ فَأْرَتِهَا، وَهُوَ قَدْ فَاقَ سَائِرَ أَرْوَاحِ الْمِسْكِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: فَتَخْرُجُ حَالَ كَوْنِهَا مِثْلَ أَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ، وَدَعْوَتُهُ أَنَّهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ أَوْضَحُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فَغَيْرُ وَاضِحٍ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ أَوْضَحَ. (حَتَّى إِنَّهُ) أَيِ: الْمُؤْمِنَ أَوْ رُوحَهُ بِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ أَوْ بِدُونِهِ فَإِنَّهُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَالْمَعْنَى حَتَّى إِنَّهُ مِنْ طِيبِ رُوحِهِ وَعَظَمَةِ رِيحِهِ. (يُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا) أَيْ: يَصْعَدُونَ بِهِ مَنْ يَدٍ إِلَى يَدٍ تَكْرِيمًا، وَتَعْظِيمًا، وَتَشْرِيفًا، لَا كَسَلًا وَتَعَبًا وَتَكْلِيفًا، وَلِذَا تَنَاوَبُوهُ وَإِلَّا فَأَحَدُهُمْ لَا يَعْجِزُ عَنْ حَمْلِهِ. (حَتَّى يَأْتُوا) وَفِي رِوَايَةٍ فَيَشْتُمُونَهُ وَفِي رِوَايَةٍ فَيَشْتُمُونَهُ حَتَّى يَأْتُوا. (بِهِ أَبْوَابَ السَّمَاءِ) أَيْ: بَابًا بَعْدَ بَابٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: بَابَ السَّمَاءِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ: إِلَى أَنْ يَأْتُوا بِهِ، وَهُوَ غَايَةٌ لِلْمُنَاوَلَةِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: غَايَةٌ لِـ يَخْرُجُ فَخُرُوجٌ عَنِ الظَّاهِرِ بِالْغَايَةِ. (فَيَقُولُونَ) أَيْ: بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ لِبَعْضِ مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ مِنْ غَايَةِ عَظَمَةِ طِيبِهِ. (مَا أَطْيَبَ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتِي جَاءَتْكُمْ مِنَ الْأَرْضِ!) أَيْ: وَصَلَتْ إِلَيْكُمُ الْآنَ مِنْهَا. (فَيَأْتُونَ) وَفِي رِوَايَةٍ: كُلَّمَا أَتَوْا سَمَاءً، قَالُوا ذَلِكَ حَتَّى يَأْتُوا أَيِ: الْمَلَائِكَةُ الْأَوَّلُونَ أَوِ الْمُسْتَقْبِلُونَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute