أَيْ: عِظَامَ جَنْبَيْهِ، وَأَمَّا ضَغْطَةُ الْقَبْرِ لِبَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ بَلِ الْأَكَابِرِ الْمُوَحِّدِينَ كَسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ سَيِّدِ الْأَنْصَارِ الَّذِي حَمَلَ جَنَازَتَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، وَاهْتَزَّ لِمَوْتِهِ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، فَإِنَّمَا هُوَ ضَمَّةٌ لِلْأَرْضِ كَمُعَانَقَةِ الْأُمِّ الْمُشْتَاقَةِ لِوَلَدِهَا، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: أَيْ: دَائِمًا أَوْ غَالِبًا أَوْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الضِّيقِ وَالضَّمِّ مِنْ خَصَائِصِ الْكُفَّارِ فَعَنِ التَّحْقِيقِ بَعِيدٌ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَكَابِرِ غَيْرُ سَدِيدٍ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ) أَيْ: لَهُ، قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: (أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ هَذَا يَوْمُكَ) أَيِ: الْيَوْمُ. (الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ) أَيْ: فِي الدُّنْيَا كَمَا مَرَّ. (فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ) أَيِ: الْكَامِلُ فِي الْقُبْحِ. (يَجِيءُ بِالشَّرِّ) وَفِي رِوَايَةٍ: الَّذِي يَجِيءُ بِالشَّرِّ. (فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ) أَيِ: الْمُرَكَّبُ مِنْ خُبْثِ عَقَائِدِكَ وَأَعْمَالِكَ وَأَخْلَاقِكَ، فَالْمَعَانِي تَتَجَسَّدُ وَتَتَصَوَّرُ فِي قَوَالِبِ الْمَبَانِي. (فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ، وَفِي رِوَايَةٍ نَحْوَهُ) أَيْ: مَعْنَى هَذَا اللَّفْظِ. (وَزَادَ) أَيِ: الرَّاوِي: (فِيهِ) أَيْ: فِي نَحْوِهِ. (إِذَا خَرَجَ رُوحُهُ) أَيْ: رُوحُ الْمُؤْمِنِ. (صَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ: دَعَا لَهُ. (كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَكُلُّ مَلَكٍ فِي السَّمَاءِ) أُرِيدَ بِهَا الْجِنِّيُّ. (وَفُتِحَتْ) بِالتَّخْفِيفِ وَيُشَدَّدُ أَيْ: لَهُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ. (أَبْوَابُ السَّمَاءِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَابٍ) أَيْ: مِنْ أَبْوَابِ كُلِّ سَمَاءٍ. (إِلَّا وَهُمْ يَدْعُونَ اللَّهَ أَنْ يُعْرَجَ بِرُوحِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: يَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ بِهِ وَيَصِحُّ كَوْنُهُ بِنَاءً لِلْفَاعِلِ أَيْ: يُعْرِجُ اللَّهُ أَيْ: يَأْمُرُ بِعُرُوجِهِ. (مِنْ قِبَلِهِمْ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، أَيْ: مِنْ جِهَتِهِمْ أَيْ: لِيَتَبَرَّكُوا بِهِ وَيَتَشَرَّفُوا بِمُشَايَعَتِهِ، وَنَاهِيكَ جِدًّا تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا، وَجَزَاءً وَتَكْرِيمًا. (وَتُنْزَعُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ. (نَفْسُهُ) أَيْ: رُوحُهُ. (يَعْنِي الْكَافِرَ مَعَ الْعُرُوقِ) إِشَارَةً إِلَى كَرَاهَةِ خُرُوجِهِ، وَشِدَّةِ الْجَذْبِ فِي نَزْعِ رُوحِهِ، وَكَمَالِ تَعَلُّقِهِ بِجِيفَةِ بَدَنِهِ. (فَيَلْعَنُهُ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَكُلُّ مَلَكٍ فِي السَّمَاءِ) أَيْ: سَمَاءِ الدُّنْيَا. (وَتُغْلَقُ) أَيْ: دُونَهُ. (أَبْوَابُ السَّمَاءِ) أَيْ: جَمِيعُهَا (لَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَابٍ) أَيْ: مِنْ أَبْوَابِ سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي أَصْلِ ابْنِ حَجَرٍ مِنْ أَهْلِ سَمَاءٍ فَسَهْوُ قَلَمٍ. (إِلَّا وَهُمْ يَدْعُونَ اللَّهَ أَنْ لَا يُعْرَجَ رُوحُهُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لِلْفَاعِلِ أَيْ: أَنْ لَا يُصْعِدَ رُوحَهُ. (مِنْ قِبَلِهِمْ) كَرَاهَةً لِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَمَرَّ فِي الْمُؤْمِنِ بِرُوحِهِ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ إِلَّا جِهَةَ الْمَعْنَى دُونَ طَرِيقَةِ الْمَبْنَى إِلَّا إِذَا صَحَّتِ الرِّوَايَةُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَيَكُونُ إِشَارَةً إِلَى وَحْدَتِهِ، وَفِي الْمُؤْمِنِ إِيمَاءٌ إِلَى جَمْعٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي صُحْبَتِهِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ) قَالَ مِيرَكُ: وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَالطَّيَالِسِيُّ، وَعَبْدٌ فِي مَسْنَدَيْهِمَا، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ فِي الزُّهْدِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ اهـ. وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: عَبْدٌ. عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ فِي التَّفْسِيرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute