للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْأَسْمَاءِ. (فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا) أَيِ: الْقُرْبَى. (فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيِ: اسْتِشْهَادًا عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا} [الأعراف: ٤٠] . (لَا تُفَتَّحُ) بِالتَّأْنِيثِ مَعَ التَّشْدِيدِ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ، وَمَعَ التَّخْفِيفِ قِرَاءَةُ الْبَصْرِيِّ، وَبِالتَّذْكِيرِ وَالتَّخْفِيفِ قِرَاءَةُ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ. (لَهُمْ) أَيْ: لِلْكُفَّارِ. (أَبْوَابُ السَّمَاءِ) أَيْ: شَيْءٌ مِنْهَا. {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ} [الأعراف: ٤٠] أَيْ: يَدْخُلَ. {الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: ٤٠] أَيْ: خَرْقَهُ وَثَقْبَهُ قَالَ الطِّيبِيُّ: سَمُّ الْإِبْرَةِ مَثَلٌ فِي ضِيقِ الْمَسْلَكِ وَالْجَمَلُ مَثَلٌ فِي عِظَمِ الْجِرْمِ فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِالْمُحَالِ اهـ.

وَذَلِكَ بِأَنَّ دُخُولَ الْجِرْمِ الْعَظِيمِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى عَظَمَتِهِ فِي ذَلِكَ الْخَرْقِ الضَّيِّقِ جِدًّا مَعَ بَقَائِهِ عَلَى ضِيقِهِ مُحَالٌ عَقْلًا. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَكَذَلِكَ دُخُولُهُمُ الْجَنَّةَ مُحَالٌ لِذَلِكَ اهـ.

وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ ; لِأَنَّ دُخُولَهُمُ الْجَنَّةَ لَيْسَ مُحَالًا لِذَاتِهِ إِنَّمَا هُوَ مُحَالٌ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَلَا يَدْخُلُ الْكَافِرُ الْجَنَّةَ أَبَدًا، وَأَمَّا الْعَقْلُ فَيُجَوِّزُهُ لَوْلَا النَّقْلُ، نَعَمِ الْعَقْلُ الْكَامِلُ أَيْضًا، لَا يُجَوِّزُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَلِذَا ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى الْكُفَّارَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الجاثية: ٢١] الْآيَةَ، وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: ٢٨] . (فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ) قِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ فِيهِ كِتَابُ الْفُجَّارِ مِنْ قَعْرِ النَّارِ (فِي الْأَرْضِ) حَالٌ لَازِمَةٌ أَوْ بَدَلٌ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ بَعْضٍ. (السُّفْلَى) أَيِ: السَّابِعَةِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَحَلِّ جَهَنَّمَ وَهُوَ الْأَشْهَرُ مِنْ خِلَافٍ طَوِيلٍ فِيهِ، لَكِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ الْجَامِعِينَ بَيْنَ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ: لَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ فَيَنْبَغِي لَنَا الْإِمْسَاكُ عَنْهُ. (فَتُطْرَحُ) أَيْ: تُرْمَى. (رُوحُهُ) طَرْحًا أَيْ: رَمْيًا شَدِيدًا. (ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيِ: اعْتِضَادٌ لِلْمُبَالَغَةِ.: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي} [الحج: ٣١] أَوْ لِلتَّنْوِيعِ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ فِي التَّمْثِيلِ أَيْ: تَرْمِي. {بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: ٣١] أَيْ: بَعِيدٌ أَوْ عَمِيقٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ: عَصَفَتْ بِهِ الرِّيحُ أَيْ: هَوَتْ بِهِ فِي بَعْضِ الْمَطَارِحِ الْبَعِيدَةِ وَهَذَا اسْتِشْهَادٌ مُجَرَّدٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي سِجِّينٍ، فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى فَتَطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا لَا أَنَّهُ بَيَانٌ لِحَالِ الْكَافِرِ حِينَئِذٍ ; لِأَنَّهُ شَبَّهَ فِي الْآيَةِ مَنْ يُشْرِكُ بِاللَّهِ بِالسَّاقِطِ مِنَ السَّمَاءِ، وَالْأَهْوَاءَ الَّتِي تُوَزِّعُ أَفْكَارَهُ بِالطَّيْرِ الْمُخْتَطِفَةِ، وَالشَّيْطَانَ الَّذِي يُغْوِيهِ وَيَطْرَحُ بِهِ فِي وَادِي الضَّلَالَةِ بِالرِّيحِ الَّذِي هُوَ يَهْوِي بِمَا عُصِفَ بِهِ فِي بَعْضِ الْمُهَاوِي الْمُتْلِفَةِ. (فَتُعَادُ رُوحُهُ) فِي جَسَدِهِ. (وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ) بِسُكُونِ الْهَاءِ الْأَخِيرَةِ فِيهِمَا، وَهُوَ كَلَامُ الْمَبْهُوتِ الْمُتَحَيِّرِ فِي الْجَوَابِ، وَلِذَا صَرَّحَ وَقَالَ: (لَا أَدْرِي. فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ) : أَيْ: لَهُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ. (مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ) ؟ أَيْ: أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ. (فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ) أَيْ: كَذَبَ فِي نَفْيِ الدِّرَايَةِ عَنْهُ مُطْلَقًا، بَلْ عَرَفَ اللَّهَ وَأَشْرَكَ بِهِ، وَتَبَيَّنَ لَهُ الدِّينُ، وَمَا تَدَيَّنَ بِهِ، وَظَهَرَتْ رِسَالَةُ النَّبِيِّ بِالْمُعْجِزَاتِ عِنْدَهُ، وَمَا أَطَاعَهُ، أَوِ الْكَذِبُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَعْنَى: لَا أَدْرِي لَمْ يَكُنْ لِي قَابِلِيَّةُ دِرَايَةٍ بِالْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ وَهَذَا كَذِبٌ مَحْضٌ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا هَذَا الْعِلْمَ بِاخْتِيَارِهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ) وَفِي رِوَايَةِ السُّيُوطِيِّ: وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ. (وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا) أَيْ: يَأْتِيهِ بَعْضُ حَرِّهَا فِي قَبْرِهِ، وَأَمَّا تَمَامُهُ فَفِي الْآخِرَةِ قَالَ تَعَالَى: {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} [طه: ١٢٧] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦] وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: فَيَأْتِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَتَقْدِيرٌ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيرٍ وَتَقْرِيرٍ. (وَسَمُومِهَا) أَيْ: شِدَّةِ حَرَارَتِهَا، وَظَاهِرُ الْمُقَابَلَةِ أَنَّ سَمُومَهَا مَمْزُوجٌ بِالنَّتَنِ وَالْعُفُونَةِ. (وَيُضَيَّقُ) بِالتَّشْدِيدِ. (عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ) أَيْ: فِي قَبْرِهِ وَفِي بَدَنِهِ. (أَضْلَاعُهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>