وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَالْمَرْوَزِيُّ، وَابْنُ مَنْدَهْ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «إِنَّ الْمَيِّتَ يَعْرِفُ مَنْ يُغَسِّلُهُ، وَمَنْ يَحْمِلُهُ، وَمَنْ يُكَفِّنُهُ، وَمَنْ يُدْلِيهِ فِي حُفْرَتِهِ» " اهـ. وَتَجْوِيزُنَا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَقَالُ بِلِسَانِ الْحَالِ لَا يُنَافِي مَعْرِفَتَهُ وَقُدْرَتَهُ عَلَى لِسَانِ الْمَقَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ. (وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ لِأَهْلِهَا) أَيْ: لِأَقَارِبِهَا أَوْ لِمَنْ يَحْمِلُهَا. (يَا وَيْلَهَا) أَيْ: وَيْلَ الْجَنَازَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ: يَا وَيْلِي، وَهَلَاكِي احْضَرْ، فَهَذَا أَوَانُكَ، فَعَدَلَ عَنْ حِكَايَةِ قَوْلِ الْجَنَازَةِ إِلَى ضَمِيرِ الْغَائِبِ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى كَرَاهِيَةَ إِضَافَةِ الْوَيْلِ إِلَى نَفْسِهِ. (أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا) : وَوَقَعَ فِي أَصْلِ ابْنِ حَجَرٍ: يَسْتَمِعُ مِنْ بَابِ الِافْتِعَالِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَةِ، فَقَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِمَعْنَى يَسْمَعُ. (كُلُّ شَيْءٍ) أَيْ: حَتَّى الْجَمَادَ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقَوْلَ حَقِيقِيٌّ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ السَّمَاعُ عَلَى الْفَهْمِ، فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: ٤٤] . (إِلَّا الْإِنْسَانَ) : بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ. (وَلَوْ سَمِعَ الْإِنْسَانُ) أَيْ: حَقِيقَةَ السَّمَاعِ. (لَصُعِقَ) أَيْ: لَمَاتَ أَوْ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَفِيهِ بَيَانُ حِكْمَةِ عَدَمِ سَمَاعِ الْإِنْسَانِ مِنْ أَنَّهُ يَخْتَلُّ نِظَامُ الْعَالَمِ، وَيَكُونُ الْإِيمَانُ شُهُودِيًّا لَا غَيْبِيًّا، وَلِذَا قِيلَ: لَوْلَا الْحَمْقَى لَخَرِبَتِ الدُّنْيَا، وَقِيلَ: الْغَفْلَةُ مَانِعَةٌ مِنَ الرِّحْلَةِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute