الْوَسَطُ بِالْفَتْحِ كَالْمَرْكَزِ لِلدَّائِرَةِ، وَبِالسُّكُونِ دَاخِلَ الدَّائِرَةِ، وَقِيلَ: كُلُّ مَا يَصْلُحُ فِيهِ بَيْنَ فَبِالْفَتْحِ وَمَا لَا فَبِالسُّكُونِ اهـ. ثُمَّ الْأَمَامُ يَقَعُ بِحِذَاءِ صَدْرِ الْمَيِّتِ عِنْدَنَا سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَقِفُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعَجُزِ الْمَرْأَةِ لِمَا رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ أَبِي غَالِبٍ قَالَ: كُنْتُ فِي سِكَّةِ الْمِرْبَدِ فَمَرَّتْ جَنَازَةٌ مَعَهَا نَاسٌ كَثِيرَةٌ قَالُوا: جَنَازَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَتَبِعْتُهَا، فَإِذَا أَنَا بَرْجَلٌ عَلَيْهِ كِسَاءٌ رَقِيقٌ، عَلَى رَأْسِهِ خِرْقَةٌ تَقِيهِ مِنَ الشَّمْسِ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا الدِّهْقَانُ؟ وَهُوَ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ رَئِيسُ الْإِقْلِيمِ مُعَرَّبٌ، قَالُوا: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. قَالَ: فَلَمَّا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ قَامَ أَنَسٌ فَصَلَّى عَلَيْهَا وَأَنَا خَلْفَهُ لَا يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، فَقَامَ عِنْدَ رَأْسِهِ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَلَمْ يُطِلْ وَلَمْ يُسْرِعْ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقْعُدُ فَقَالُوا: يَا أَبَا حَمْزَةَ، الْمَرْأَةُ الْأَنْصَارِيَّةُ فَقَرَّبُوهَا وَعَلَيْهَا نَعْشٌ أَخْضَرُ، فَقَامَ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا نَحْوَ صَلَاتِهِ عَلَى الرَّجُلِ، ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ كَصَلَاتِكَ، يُكَبِّرُ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، وَيَقُومُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعَجِيزَةِ الْمَرْأَةِ. قَالَ: نَعَمْ. إِلَى أَنْ قَالَ غَالِبٌ: فَسَأَلْتُ عَنْ صَنِيعِ أَنَسٍ فِي قِيَامِهِ فِي الْمَرْأَةِ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا، فَحَدَّثُونِي أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنِ النُّعُوشُ فَكَانِ يَقُومُ حِيَالَ عَجِيزَتِهَا يَسْتُرُهَا مِنَ الْقَوْمِ، مُخْتَصَرٌ مِنْ لَفْظِ أَبِي دَاوُدَ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. قُلْنَا: يُعَارَضُ هَذَا بِمَا رَوَى أَحْمَدُ: أَنَّ أَبَا غَالِبٍ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ أَنَسٍ عَلَى جَنَازَةٍ فَقَامَ حِيَالَ صَدْرِهِ، وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ وَسَطَهَا لَا يُنَافِي كَوْنَ الصَّدْرِ وَسَطًا) بَلِ الصَّدْرُ وَسَطٌ بِاعْتِبَارِ تَوَسُّطِ الْأَعْضَاءِ، إِذْ فَوْقَهُ يَدَاهُ وَرَأْسُهُ، وَتَحْتَهُ بَطْنُهُ وَفَخِذَاهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ وَقَفَ كَمَا قُلْنَا ; لِأَنَّهُ مَالَ إِلَى الْعَوْرَةِ فِي حَقِّهَا، فَظَنَّ الرَّاوِي ذَلِكَ لِتَقَارُبِ الْمَحَلَّيْنِ، كَذَا حَقَّقَهُ ابْنُ الْهُمَامِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute