حُسْنِ الرَّجَاءِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [المائدة: ١٧] ثُمَّ هُوَ خَبَرُ مَا، وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَعَمُّ عَامِّ الْأَحْوَالِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى مَعْنَى تَأْثِيرِ الثَّنَا بِالْمَغْفِرَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِيهِ بَحْثٌ إِذِ الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ وَاضِحٌ. (فَكَانَ مَالِكٌ) أَيِ: ابْنُ هُبَيْرَةَ. (إِذَا اسْتَقَلَّ أَهْلَ الْجَنَازَةِ) أَيْ: عَدَّهُمْ قَلِيلًا. (جَزَّأَهُمْ) بِالشَّدِيدِ أَيْ فَرَّقَهُمْ، وَجَعَلَ الْقَوْمَ الَّذِينَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا صَفًّا وَاحِدًا. (ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ) وَفِي جَعْلِهِ صُفُوفًا إِشَارَةٌ إِلَى كَرَاهَةِ الِانْفِرَادِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ: ذَكَرَ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّ أَفْضَلَ الصُّفُوفِ فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ آخِرُهَا، وَفِي غَيْرِهَا أَوَّلُهَا، إِظْهَارًا لِلتَّوَاضُعِ، وَلِتَكُونَ شَفَاعَتُهُ أَدْعَى إِلَى الْقَبُولِ، وَلَا يَدْعُو لِلْمَيِّتِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجَنَازَةِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الزِّيَادَةَ فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ) بِالْإِضَافَةِ. (قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ إِذَا صَلَّى) أَيْ: أَرَادَ الصَّلَاةَ. (عَلَى جَنَازَةٍ فَتَقَالَّ النَّاسَ عَلَيْهَا) أَيِ: الْمُنْتَظَرِينَ، تَفَاعَلَ مِنَ الْقِلَّةِ، أَيْ: رَآهُمْ قَلِيلًا، وَفِي نُسْخَةٍ بِرَفْعِ النَّاسِ أَيْ: صَارَ النَّاسُ قَلِيلًا. (جَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ) أَيْ: قَسَّمَهُمْ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ، أَيْ: شُيُوخًا، وَكُهُولًا، وَشَبَابًا، أَوْ فُضَلَاءَ، وَطَلَبَةَ الْعِلْمِ، وَالْعَامَّةَ. (ثُمَّ قَالَ) أَيِ: اسْتِدْلَالًا لِفِعْلِهِ. (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ) وَأَقَلُّ الصَّفِّ أَنْ يَكُونَ اثْنَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ. (أَوْجَبَ) أَيِ: اللَّهُ تَعَالَى عَلَى ذَاتِهِ بِمُقْتَضَى وَعْدِهِ مَغْفِرَةَ ذَنْبِ عَبْدِهِ. (وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ نَحْوَهُ) أَيْ: مَعْنَاهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute