نُقِلَ حِينَ مَوْتِهِ لَا بَعْدَ دَفْنِهِ فَلَا دَخْلَ لَهُ فِي الْقَضِيَّةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ نَقْلُ يَعْقُوبَ وَيُوسُفَ عَنْ عُذْرٍ أَيْضًا، فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْإِثْمِ وَالْكَرَاهَةِ، إِذِ الْكَرَاهَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى إِلَّا لِعَارِضٍ. قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَذُكِرَ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِي بَلَدِهِ يُكْرَهُ نَقْلُهُ إِلَى أُخْرَى، لِأَنَّهُ اشْتِغَالٌ بِمَا لَا يُفِيدُ، بِمَا فِيهِ تَأْخِيرُ دَفْنِهِ، وَكَفَى بِذَلِكَ كَرَاهَةً، قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ مِنْ نَقْلِهُ إِلَى أَحَدِ الْحَرَمَيْنِ أَوْ إِلَى قُرْبِ قَبْرِ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، أَوِ الْأَوْلِيَاءِ، أَوْ لِيَزُورَهُ أَقَارِبُهُ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا كَرَاهَةَ إِلَّا مَا نُصَّ عَلَيْهِ مِنْ شُهَدَاءِ أُحُدٍ، أَوْ مَنْ فِي مَعْنَاهُمْ، مِنْ مُطْلَقِ الشُّهَدَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ، وَلَفْظُهُ) : أَيْ: لَفْظُ الْحَدِيثِ، وَالْمُرَادُ هَذَا اللَّفْظُ. (التِّرْمِذِيُّ) وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، نَقَلَهُ مِيرَكُ، وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ، وَقَدْ صَحَّحَهُ عَنْ جَابِرٍ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُرَدُّوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ، وَكَانُوا نُقِلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَبِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ يُرَدُّ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: أَمْرُهُ بِرَدِّهِمْ كَانَ أَوَّلًا، وَأَمَّا بَعْدُ فَلَا لِمَا رُوِيَ أَنَّ جَابِرًا جَاءَ بِأَبِيهِ إِلَى الْبَقِيعِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهَرٍ اهـ. وَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ هَذَا الْجَمْعَ مَقْبُولٌ بَلْ مُتَعَيَّنٌ عِنْدَ أَرْبَابِ الْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute