للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٣٤ - وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَلَهُ بَابَانِ بَابٌ يَصْعَدُ مِنْهُ عَمَلُهُ، وَبَابٌ يَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ، فَإِذَا مَاتَ بَكَيَا عَلَيْهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: ٢٩] » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

١٧٣٤ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَلَهُ) مُخْتَصٌّ بِهِ. (بَابَانِ) أَيْ: مِنَ السَّمَاءِ كَمَا فِي نُسْخَةٍ. (بَابٌ يَصْعَدُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَيُضَمُّ أَيْ: يَطْلُعُ وَيُرْفَعُ. (مِنْهُ عَمَلُهُ) أَيِ: الصَّالِحُ أَيْ: إِلَى مُسْتَقَرِّ الْأَعْمَالِ، وَهُوَ مَحَلُّ كِتَابَتِهَا فِي السَّمَاءِ بَعْدَ كِتَابَتِهَا فِي الْأَرْضِ، وَفِي إِطْلَاقِهِ الْعَمَلَ إِشْعَارٌ بِأَنَّ عَمَلَهُ كُلَّهُ صَالِحٌ. (وَبَابٌ يَنْزِلُ) بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ أَوِ الْمَفْعُولِ. (مِنْهُ رِزْقُهُ) أَيِ: الْحِسِّيُّ أَوِ الْمَعْنَوِيُّ إِلَى مُسْتَقَرِّ الْأَرْزَاقِ مِنَ الْأَرْضِ. (فَإِذَا مَاتَ بَكَيَا) أَيِ: الْبَابَانِ. (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى فِرَاقِهِ ; لِأَنَّهُ انْقَطَعَ خَيْرُهُ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُمَا يَتَأَذَّيَانِ بِشَرِّهِ، فَلَا يَبْكِيَانِ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ، أَنَّ لِلْأَشْيَاءِ كُلِّهَا عِلْمًا بِاللَّهِ، وَلَهَا تَسْبِيحٌ، وَلَهَا خَشْيَةٌ، وَغَيْرُهَا، وَقِيلَ: أَيْ: بَكَى عَلَيْهِ أَهْلُهُمَا، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْكَشَّافُ هَذَا تَمْثِيلٌ، وَتَخَيُّلُ مُبَالَغَةٍ فِي فُقْدَانِ مَنْ دَرَجَ وَانْقَطَعَ خَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ بُكَاءِ مُصَلَّى الْمُؤْمِنِ وَآثَارِهِ فِي الْأَرْضِ، وَمَصَاعِدِ عَمَلِهِ، وَمَهَابِطِ رِزْقِهِ فِي السَّمَاءِ، تَمْثِيلٌ وَنَفْيُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: ٢٩] تَهَكُّمٌ بِهِمْ وَبِحَالِهِمُ الْمُنَافِيَةِ لِحَالِ مَنْ يَعْظُمُ فَقْدُهُ، فَيُقَالُ فِيهِ: بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ، وَلَا وَجْهَ لِلْعُدُولِ لِمُجَرَّدِ مُخَالَفَتِهِ ظَاهِرَ الْعُقُولِ. (فَذَلِكَ) أَيْ: مَفْهُومُ الْحَدِيثِ أَوْ مِصْدَاقُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمْ) أَيْ: عَلَى الْكُفَّارِ. (السَّمَاءُ) أَيْ: بَابُهَا. (وَالْأَرْضُ) أَيْ: مَكَانُهَا الْمُخْتَصُّ بِهِ لِعَدَمِ طُلُوعِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ إِلَى السَّمَاءِ وَالظَّهْرِ، وَالْعَمَلِ السَّيِّئِ فِي مَكَانِهِ مِنَ الْأَرْضِ، وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ عَلَى خِلَافِهِمْ بِبُكَائِهِمَا عَلَيْهِمْ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ

) .

<<  <  ج: ص:  >  >>