للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٣٥ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ كَانَ لَهُ فَرَطَانِ مِنْ أُمَّتِي أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهِمَا الْجَنَّةَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ كَانَ لَهُ فَرَطٌ مَنْ أُمَّتِكَ؟ قَالَ: وَمَنْ كَانَ لَهُ فَرَطٌ يَا مُوَفَّقَةُ، فَقَالَتْ: فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَطٌ مِنْ أُمَّتِكَ؟ قَالَ فَأَنَا فَرَطُ أُمَّتِي، لَنْ يُصَابُوا بِمِثْلِي» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

ــ

١٧٣٥ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ لَهُ فَرَطَانِ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ: وَلَدَانِ لَمْ يَبْلُغَا أَوَانَ الْحُلُمِ بَلْ مَاتَا قَبْلَهُ. (مِنْ أُمَّتِي) بَيَانٌ لِمَنْ يُقَالُ: فَرَطٌ إِذَا تَقَدَّمَ، وَسِيقَ فَهُوَ فَارِطٌ وَفَرَطٌ وَالْفَرَطُ هُنَا الْوَلَدُ الَّذِي مَاتَ قَبْلَهُ، فَإِنَّهُ يَتَقَدَّمُ وَيَتَهَيَّأُ لِوَالِدَيْهِ نُزُلًا وَمَنْزِلًا فِي الْجَنَّةِ) كَمَا يَتَقَدَّمُ فُرَّاطُ الْقَافِلَةِ إِلَى الْمَنَازِلِ فَيُعِدُّونَ لَهُمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ وَالْمَرْعَى وَغَيْرِهِمَا. (أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهِمَا الْجَنَّةَ أَيْ: مَعَ النَّاجِينَ أَوَّلًا بِالصَّبْرِ عَلَيْهِمَا، أَوْ بِالشَّفَاعَةِ مِنْهُمَا، لِمَا وَرَدَ لَا يَزَالُ السِّقْطُ مُحْبَنْطِئًا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَقُولَ اللَّهُ: خُذْ بِيَدَيْ أَبَوَيْكَ وَأَدْخِلْهُمَا الْجَنَّةَ، وَالْمُحْبَنْطِئُ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ: الْمُتَغَضِّبُ الْمُسْتَبْطِئُ لِلشَّيْءِ، وَقِيلَ: الْمُمْتَنِعُ امْتِنَاعَ طَلَبٍ لَا امْتِنَاعَ إِبَاءٍ. ( «فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ كَانَ لَهُ فَرَطٌ مِنْ أُمَّتِكَ» ؟) أَيْ: فَمَا حُكْمُهُ؟ أَوْ فَهَلْ لَهُ هَذَا الثَّوَابُ؟ ( «قَالَ: وَمَنْ كَانَ لَهُ فَرَطٌ» ) أَيْ: فَكَذَلِكَ. (يَا مُوَفَّقَةُ) أَيْ: فِي الْخَيِّرَاتِ، وَلِلْأَسْئِلَةِ الْوَاقِعَةِ مَوْقِعَهَا شَفَقَةً عَلَى الْأُمَّةِ. ( «فَقَالَتْ: فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَطٌ مِنْ أُمَّتِكَ؟» ) أَيْ: فَمَا حَالُهُ؟ ( «قَالَ: فَأَنَا فَرَطُ أُمَّتِي» ) أَيْ: سَابِقُهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ بِالشَّفَاعَةِ سَائِقُهُمْ بَلْ أَنَا أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ فَرَطٍ، فَإِنَّ الْأَجْرَ عَلَى قَدْرِ الْمَشَقَّةِ. (لَنْ يُصَابُوا) أَيْ: أُمَّتِي. (بِمِثْلِي) أَيْ: بِمِثْلِ مُصِيبَتِي لَهُمْ، فَإِنَّ مُصِيبَتِي أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ سَائِرِ الْمَصَائِبِ، فَأَكُونُ أَنَا فَرَطَهُمْ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ رَآهُ فَالْمُصِيبَةُ ظَاهِرَةٌ، وَقَدْ أَنْشَدَتِ الزَّهْرَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:

مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدَ ... أَنْ لَا يَشُمَّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيَا

صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبُ لَوْ أَنَّهَا ... صُبَّتْ عَلَى الْأَيَّامِ صِرْنَ لَيَالِيَا

وَأَمَّا بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ فَالْمُصِيبَةُ الْعُظْمَى وَالْمِحْنَةُ الْكُبْرَى حَيْثُ مَا كَانَ لَهُمْ إِلَّا مَرَارَةُ الْفَقْدِ مِنْ غَيْرِ حَلَاوَةِ الْوَجْدِ، وَلِهَذَا بِمَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُتَسَلَّى عَنْ مَوْتِ كُلِّ مَحْبُوبٍ، وَفَقْدِ كُلِّ مَطْلُوبٍ، وَنِعْمَ مَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ أَرْبَابِ الْأَحْوَالِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>