١٧٥٠ - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَبِي بَرْزَةَ، قَالَا: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ فَرَأَى قَوْمًا قَدْ طَرَحُوا أَرْدَيْتَهُمْ يَمْشُونَ فِي قُمُصٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَبِفِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ تَأْخُذُونَ، أَوْ بِصَنِيعِ الْجَاهِلِيَّةِ تَشَبَّهُونَ، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَدْعُوَ عَلَيْكُمْ دَعْوَةً تَرْجِعُونَ فِي غَيْرِ صُوَرِكُمْ، قَالَ: فَأَخَذُوا أَرْدِيَتِهِمْ، وَلَمْ يَعُودَا لِذَلِكَ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
ــ
١٧٥٠ - (وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَبِي بَرْزَةَ قَالَا: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ، فَرَأَى قَوْمًا) أَيْ: مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ. (قَدْ طَرَحُوا أَرْدِيَتَهُمْ) أَيْ: وَضَعُوهَا مِنْ أَكْتَافِهِمْ. (يَمْشُونَ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ طَرَحُوا، أَوْ صِفَةٌ بَعْدَ صِفَةٍ لِقَوْمًا (فِي قُمُصٍ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ قَمِيصٍ، يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الشِّعَارَ الْمَعْرُوفَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ هُوَ الرِّدَاءُ فَوْقَ الْقَمِيصِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: حَالٌ مُتَدَاخِلَةٌ لِأَنَّ يَمْشُونَ حَالٌ مِنَ الْوَاوِ فِي طَرَحُوا، أَوْ هُوَ مِنَ الْوَاوِ فِي يَمْشُونَ. وَقَالَ السَّيِّدُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَحْوَالًا مُتَرَادِفَةً مِنْ مَفْعُولِ رَأَى، فَإِنَّ قَوْلَهُ: قَدْ طَرَحُوا حَالٌ مِنْهُ، وَيَمْشُونَ حَالٌ أُخْرَى اهـ. وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ ; لِأَنَّ قَوْمًا نَكِرَةٌ، وَشَرْطُ ذِي الْحَالِ أَنْ يَكُونَ مَعْرِفَةً، أَوْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً فَلَا يَبْقَى مُسَوِّغٌ هُنَا حِينَئِذٍ. (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبِفِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ: مِنْ تَغْيِيرِ الزِّيِّ الْمَأْلُوفِ عِنْدَ الْمَوْتِ (تَأْخُذُونَ) الْهَمْزَةُ لِلْإِنْكَارِ، وَمَحَلُّهُ الْفِعْلُ، وَقَدَّمَ الْجَارَّ لِبَيَانِ مَحَطِّ الْإِنْكَارِ. (أَوْ بِصَنِيعِ الْجَاهِلِيَّةِ) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ أَوْ لِلشَّكِّ. (تَشَبَّهُونَ) أَيْ: تَتَشَبَّهُونَ فَحَذَفَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ (لَقَدْ هَمَمْتُ) وَفِي نُسْخَةٍ: قَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَيْ: قَصَدْتُ. (أَنْ أَدْعُوَ عَلَيْكُمْ) أَيْ: بِالْمَضَرَّةِ. (دَعْوَةً) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ. (تَرْجِعُونَ) عَلَى بِنَائِهِ لِلْفَاعِلِ وَقِيلَ: لِلْمَفْعُولِ أَيْ: تَصِيرُونَ أَوْ تُرَدُّونَ بِتِلْكَ الدَّعْوَةِ (فِي غَيْرِ صُوَرِكُمْ) أَيْ: بِالْمَسْخِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَضْمِينِ الرُّجُوعِ مَعْنَى صَارَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [الأعراف: ٨٨] اهـ. وَفِيهِ أَنَّ الصَّيْرُورَةَ هِيَ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ فَلَا تَضْمِينَ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: ضُمِّنَ الرُّجُوعُ مَعْنَى الْعَوْدِ فَعُدِّيَ بِفِي، ثُمَّ ضُمِّنَ الْعَوْدُ مَعْنَى التَّصْيِيرِ كَمَا فِي الْآيَةِ، فَإِنَّ الْعَوْدَ حَقِيقَةٌ لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْمَقَامِ، فَتَأَمَّلْ فِي الْكَلَامِ، فَإِنَّهُ مَزَلَّةُ الْأَقْدَامِ، وَمَعْثَرَةُ الْأَقْدَامِ. قَالَ: أَوْ تُحْمَلُ الصُّورَةُ عَلَى الصِّفَةِ وَالْحَالَةِ أَيْ: تَرْجِعُونَ إِلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ، كَمَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ اهـ.
وَلَا يَظْهَرُ وَجْهُ التَّقَابُلِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ إِلَّا بِأَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّ فِي بِمَعْنَى إِلَى، لَكِنْ لَا دَخْلَ لِلصُّورَةِ عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى الصِّفَةِ أَوَّلًا بِهَذَا الْقَوْلِ، بَلْ هُوَ قَوْلٌ مُقَابَلٌ فِيمَا يُقَالُ: إِنَّ الْمَسْخَ هَلْ هُوَ صُورِيٌّ أَوْ مَعْنَوِيٌّ؟ قَالَ مِيرَكُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَرْجِعُونَ إِلَى بُيُوتِكُمْ فِي غَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute