صُوَرِكُمْ، وَفِي غَيْرِ صُوَرِكُمْ حَالٌ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْوَجْهَيْنِ اهـ. وَهُوَ وَجْهٌ حَسَنٌ، وَتَقْدِيرٌ مُسْتَحْسَنٌ. (قَالَ) أَيِ: الرَّاوِي وَفِيهِ إِيهَامٌ، فَإِنَّ الرَّاوِيَ اثْنَانِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَيُحْتَمَلُ قَالَ الرَّاوِي الشَّامِلُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا. (فَأَخَذُوا أَرْدِيَتَهُمْ وَلَمْ يَعُودُوا) أَيْ: لَمْ يَرْجِعُوا بَعْدَ ذَلِكَ. (لِذَلِكَ) أَيْ: إِلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، أَوْ لَمْ يَرْجِعُوا فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْقَوْلِ الصَّادِرِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَظْهَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: فَإِذَا وَرَدَ فِي مِثْلِ أَدْنَى تَغْيِيرٍ مِنْ مَوْضِعِ الرِّدَاءِ عَنِ الْمَنْكِبِ هَذَا الْوَعِيدُ الْبَلِيغُ، فَكَيْفَ مَا يُشَاهَدُ مِنَ الْأُمُورِ الشَّنِيعَةِ؟ ! قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْحَدِيثُ نَصٌّ فِيمَا يَفْعَلُهُ الْمُتَرَسِّمُونَ بِرُسُومِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَإِنَّهُ إِذَا مَاتَ لَهُمْ مَيِّتٌ تَرَكُوا الْمَنَادِيلَ الَّتِي عَلَى أَكْتَافِهِمُ الْمُنَزَّلَةَ فِي الْأَصْلِ مَنْزِلَةَ الْأَرْدِيَةِ الْمَأْلُوفَةِ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ، فَكَمَا أَنَّ أُولَئِكَ اسْتَحَقُّوا ذَلِكَ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ، فَهَؤُلَاءِ يَسْتَحِقُّونَهُ عَلَى تَرْكِ مَنَادِيلِهِمُ الْمُنَزَّلَةِ الْأَرْدِيَةِ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: لُبْسُ الرِّدَاءِ سُنَّةٌ بِخِلَافِ الْمِنْدِيلِ عَلَى الْكَتِفِ، فَإِنَّهُ إِمَّا مُبَاحٌ أَوْ بِدْعَةٌ. قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: إِنَّهُ مَكْرُوهٌ، فَوَضْعُهُ لَا يَكُونُ مَكْرُوهًا فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ، مَعَ أَنَّ لِأَهْلِ مَكَّةَ مَحْمَلًا آخَرَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الصَّوَابِ: وَهُوَ جَعْلُهُمْ هَذَا عَلَامَةً تُبَيِّنُ الْمُصَابَ، وَأَيْضًا عِنْدَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَى تَعْزِيَتِهِمْ إِيَّاهُ، لَا يُمْكِنُ بَقَاءُ الْمِنْدِيلِ عَلَى كَتِفِهِ الْبَتَّةَ، فَإِنَّهُ يَنْطَرِحُ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الزِّحَامِ، وَقَدْ وَقَعَ لِي بِالْخُصُوصِ فِي تَعْزِيَةِ وَلَدِي وَثَمَرَةِ كَبِدِي بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَأَخَذْتُهُ مِنْ كَتِفِي، وَنَاوَلْتُهُ لِبَعْضِ الْخُدَّامِ، فَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ. (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute