١٧٧٣ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا رُدِّتْ أُعِيدَتْ لَهُ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيُرَى سَبِيلُهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ "، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَالْإِبِلُ؟ قَالَ: " وَلَا صَاحِبُ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا وَمِنْ حَقِّهَا حَلْبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، أَوْفَرَ مَا كَانَتْ، لَا يَفْقِدُ مِنْهَافَصِيلًا وَاحِدًا، تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَتَعَضُّهُ بِأَفْوَاهِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا رَدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيُرَى سَبِيلُهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ "، قِيلَ يَاَ رَسُولَ اللَّهِ: فَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ؟ قَالَ: " وَلَا صَاحِبُ بَقْرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، لَا يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئًا، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ وَلَا جَلْحَاءُ وَلَا عَضْبَاءُ، تَنْطِحُهُ بِقُرُونِهَا، وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيُرَى سَبِيلُهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ "، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَالْخَيْلُ؟ قَالَ: " فَالْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ: هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ وِزْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا، وَنِوَاءً عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَهِيَ لَهُ وِزْرٌ، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي ظُهُورِهَا، وَلَا رِقَابِهَا، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فِي مَرْجٍ وَرَوْضَةٍ، فَمَا أَكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ لَهُ عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَاتٌ، وَكُتِبَ لَهُ عَدَدَ أَرْوَاثِهَا وَأَبْوَالِهَا حَسَنَاتٌ وَلَا تَقْطَعُ طِوَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَدَدَ آثَارِهَا وَأَرْوَاثِهَا حَسَنَاتٍ وَلَا مَرَّ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى نَهْرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَهَا إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَدَدَ مَا شَرِبَتْ حَسَنَاتٍ "، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَالْحُمُرُ؟ قَالَ: " مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِي الْحُمُرِ شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْفَاذَّةُ الْجَامِعَةُ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] » ) " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
١٧٧٣ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا) قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: الضَّمِيرُ لِمَعْنَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ دُونَ لَفْظِهِمَا، إِذْ لَمْ يُرِدْ بِهِمَا الشَّيْءَ الْحَقِيرَ ; بَلْ وَافِيَةَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، وَإِمَّا عَلَى تَأْوِيلِ الْأَمْوَالِ وَإِمَّا عَوْدًا إِلَى الْفِضَّةِ فَإِنَّهَا أَقْرَبُ، وَيُعْلَمُ حَالُ الذَّهَبِ مِنْهَا أَيْضًا، وَقِيلَ: أَرَادَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَالذَّهَبُ مُؤَنَّثٌ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْعَيْنِ، وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ عَلَى وَفْقِ التَّنْزِيلِ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: ٣٤] وَاكْتَفَى بِبَيَانِ صَاحِبِهَا عَنْ بَيَانِ حَالِ صَاحِبِ الذَّهَبِ، أَوْ لِأَنَّ الْفِضَّةَ أَكْثَرُ انْتِفَاعًا فِي الْمُعَامَلَاتِ مِنَ الذَّهَبِ، وَأَشْهَرُ فِي أَثْمَانِ الْأَجْنَاسِ، وَلِذَا اكْتَفَى بِهِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " «وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ» "، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ (صُفِّحَتْ) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ كَمَا جُعِلَتِ الْفِضَّةُ وَنَحْوُهَا (لَهُ) أَيْ لِصَاحِبِهَا (صَفَائِحُ) قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: وَهِيَ مَا طُبِعَ عَرِيضًا، وَقُرِئَتْ مَرْفُوعًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، لِقَوْلِهِ صُفِّحَتْ، وَمَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ وَفِي الْفِعْلِ ضَمِيرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَأَنْتَ إِمَّا بِالتَّأْوِيلِ السَّابِقِ، وَإِمَّا عَلَى التَّطْبِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَفْعُولِ الثَّانِي، الَّذِي هُوَ هُوَ، انْتَهَى، وَهُوَ كَلَامُ الطِّيبِيِّ بِعَيْنِهِ (مِنْ نَارٍ) أَيْ يُجْعَلُ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، أَوْ يُجْعَلُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ صَفَائِحَ مِنْ نَارٍ، أَيْ يُجْعَلَ صَفَائِحَ كَأَنَّهَا نَارٌ، أَوْ كَأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ نَارٍ، يَعْنِي كَأَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لِفَرْطِ إِحْمَائِهَا وَشِدَّةِ حَرَارَتِهَا صَفَائِحُ النَّارِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ يُوَافِقُ مَا فِي التَّنْزِيلِ، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: ٣٥] فَجَعَلَ عَيْنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ هِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute