رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «تَصَدَّقُوا عَلَى أَهْلِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا» "، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: حَدِيثُ " «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ» " مَعَ حَدِيثِ مُعَاذٍ يُفِيدُ مَنْعَ غَنِيِّ الْغُزَاةِ وَالْغَارِمِينَ عَنْهَا فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي تَجْوِيزِهِ لِغَنِيٍّ مَعَ حَدِيثِ مُعَاذٍ يُفِيدُ مَنْعَ غَنِيِّ الْغُزَاةِ، وَالْغَارِمِينَ عَنْهَا، فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي تَجْوِيزِهِ لِغَنِيِّ الْغُزَاةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ فِي الدِّيوَانِ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْفَيْءِ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي الزَّكَاةِ مَكَانُ الْمَالِ، وَفِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ مَكَانُ الرَّأْسِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ، فِي الصَّحِيحِ مُرَاعَاةً لِإِيجَابِ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ وُجُودِ سَبَبِهِ، وَيُكْرَهُ نَقْلُهَا إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، إِلَّا إِلَى قَرِيبِهِ أَوْ إِلَى أَحْوَجَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَوَجْهُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ دَفْعِ الْقِيَمِ مِنْ قَوْلِ مُعَاذٍ لِأَهْلِ الْيَمَنِ: ائْتُونِي بِعَرْضِ ثِيَابِ خَمِيسٍ أَوْ لَبِيسٍ فِي الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ، وَخَيْرٌ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ، وَيَجِبُ كَوْنُ مَحَلِّهِ كَوْنَ مَنْ بِالْمَدِينَةِ أَحْوَجَ أَوْ ذَلِكَ مَا يَفْضُلُ بَعْدَ إِعْطَاءِ فُقَرَائِهِمْ، وَأَمَّا النَّقْلُ لِلْقَرَابَةِ فَلِمَا فِيهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، زِيَادَةً عَلَى قُرْبَةِ الزَّكَاةِ (فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ) أَيْ لِلْإِنْفَاقِ (فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ) جَمْعُ كَرِيمَةٍ أَيِ احْتَرِزْ مِنْ أَخْذِ الْأَعْلَى مِنْ أَصْنَافِ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا تَبَرُّعًا مِنْهُمْ، فَفِيهِ أَمْرٌ بِالْعَدْلِ الْوَسَطِ الْمَرْعِيِّ فِيهِ جَانِبُ الْأَغْنِيَاءِ، وَحَقُّ الْفُقَرَاءِ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَلَفَ الْمَالِ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ مَا لَمْ يُقَصِّرْ فِي الْأَدَاءِ وَقْتَ الْإِمْكَانِ، أَيْ بَعْدَ الْوُجُوبِ (وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ) أَيْ فِي هَذَا وَغَيْرِهِ بِأَنْ تَأْخُذَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ أَوْ تُؤْذِيَهُ بِلِسَانِكَ (فَإِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنَ (لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ) أَيْ قَبُولِهِ لَهَا (حِجَابٌ) أَيْ مَانِعٌ، بَلْ هِيَ مَعْرُوضَةٌ عَلَيْهِ - تَعَالَى، وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ سُرْعَةِ الْقَبُولِ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا تَعْلِيلٌ لِلِاتِّقَاءِ، وَتَمْثِيلُ الدَّعْوَةِ لِمَنْ يَقْصِدُ إِلَى السُّلْطَانِ مُتَظَلِّمًا فَلَا يُحْجَبُ عَنْهُ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَرَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute