للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هَذَا الْمَعْنَى أَوَّلًا مُؤَدِّيًا بِقِيلَ تَبَعًا لِلطِّيبِيَّ، ثُمَّ قَالَ: وَوَجْهُ النَّهْىِ عَنْ هَذَا وَاضِحٌ أَيْضًا، فَلَعَلَّ تَضْعِيفُهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، لَا غَيْرَ. اهـ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ أَيْضًا أَنْسَبُ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى السِّبَاقِ بِأَنْ يُجَنِّبَ فَرَسًا إِلَى الْفَرَسِ الَّذِي سَابَقَ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَتَرَ الْمَرْكُوبُ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَجْنُوبِ، قِيلَ: وَكَانَ وَجْهُ النَّهْيِ عَنْهُ أَنَّ السِّبَاقَ بِمَا هُوَ لِبَيَانِ اخْتِبَارِ قُوَّةِ الْفَرَسِ، وَبِهَذَا الْفِعْلِ لَا يُعْرَفُ قُوَّةُ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرَسَيْنِ، فَرُبَّ فَرَسٍ تَوَانَى أَوَّلًا فِي الْإِثْنَاءِ ثُمَّ سَبَقَ، ثُمَّ قَالَ الطِّيبِيُّ: وَكِلَا اللَّفْظَيْنِ مُشْتَرِكٌ فِي مَعْنَى السِّبَاقِ وَالزَّكَاةِ، وَالْقَرِينَةُ الْمُوَضِّحَةُ لِأَدَاءِ الْمَعْنَى الثَّانِي قَوْلُهُ (وَلَا تُؤْخَذُ) بِالتَّأْنِيثِ وَتُذَكَّرُ (صَدَقَاتُهُمْ إِلَّا فِي دُورِهِمْ) أَيْ مَنَازِلِهِمْ وَأَمَاكِنِهِمْ وَمِيَاهِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ عَلَى سَبِيلِ الْحَصْرِ لِأَنَّهُ كَنَّى بِهَا عَنْهُ فَإِنَّ أَخْذَ الصَّدَقَةِ فِي دَوْرِهِمْ لَازِمٌ لِعَدَمِ بُعْدِ السَّاعِي عَنْهَا فَيُجْلَبُ إِلَيْهِ، وَلِعَدَمِ بُعْدِ الْمُزَكِّي فَإِنَّهُ إِذَا بَعُدَ عَنْهَا لَمْ يُؤْخَذْ فِيهَا. اهـ، وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ آخِرَ الْحَدِيثِ مُؤَكِّدٌ لِأَوَّلِهِ، أَوْ إِجْمَالٌ لِتَفْصِيلِهِ، لَكِنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُقَرِّرَةَ أَنَّ التَّأْسِيسَ أَوْلَى مِنَ التَّأْكِيدِ، تُفِيدُ أَنَّ النَّفْيَ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ يَتَعَلَّقُ بِأَمْرٍ سَابِقٍ مِنَ الْفِعْلَيْنِ، ثُمَّ الْجَامِعُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمُنَاسَبَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ، وَهِيَ عَدَمُ الضَّرَرِ وَالْإِضْرَارِ مِنَ الْمِلَّةِ الْحَنِيفِيَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْأَسْرَارِ النَّبَوِيَّةِ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>