١٧٩٦ - «وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرِينِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ، فَمَا دُونَهَا مِنَ الْغَنَمِ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى السِّتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا أَرْبَعٌ مِنَ الْإِبِلِ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةَ الْجَذَعَةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ فِيهِ الْحِقَّةُ، وَيُجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةَ الْحِقَّةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ الْحِقَّةُ وَعِنْدَهُ الْجَذَعَةُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجَذَعَةُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةَ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ لَبُونٍ وَيُعْطَى شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بَنَتَ لَبُونٍ وَعِنْدَهُ حِقُّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بَنْتَ لِبَوْنٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَيُعْطَى مَعَهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا، أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بَنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، أَوْ شَاتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ، وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةِ شَاةٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ فَفِيهَا شَاتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، وَلَا تُخْرَجَ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ، وَلَا تَيْسٌ، إِلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ، وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَفِي الرِّقَةِ رُبُعُ الْعُشْرِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلَّا تِسْعِينَ وَمِائَةً فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
١٧٩٦ - (وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ) أَيْ لِأَنَسٍ (هَذَا الْكِتَابَ) أَيِ الْمَكْتُوبَ الْآتِي (لَمَّا وَجَّهَهُ) أَيْ حِينِ أَرْسَلَهُ أَبُو بَكْرٍ (إِلَى الْبَحْرِينِ) مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ قُرَيْبَ الْبَصْرَةِ، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ بَيْنَ بَحْرَيْنِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) بَدَلٌ مِنَ الْكِتَابِ، بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ، وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ كَتَبَ لَهُ هَذِهِ النُّقُوشَ الَّتِي هِيَ بِسْمِ اللَّهِ إِلَخْ (هَذِهِ) أَيِ الْمَعَانِي الذِّهْنِيَّةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهَا النُّقُوشُ اللَّفْظِيَّةُ الْآتِيَةُ (فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ) بِالْإِضَافَةِ أَيْ مَفْرُوضَةُ الصَّدَقَةِ (وَالَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فَرَضَهَا عَلَيْهِمْ بِأَمْرِهِ - تَعَالَى، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: فَرَضَ أَيْ بَيَّنَ وَفَصَّلَ. اهـ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى مَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ إِنَّ الزَّكَاةَ فُرِضَتْ جُمْلَةً بِمَكَّةَ، وَفُصِّلَتْ بِالْمَدِينَةِ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، إِذْ بَعْضُ الْآيَاتِ الْمَكِّيَّةِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ (وَالَّتِي) عَطْفٌ عَلَى الَّتِي، عَطْفُ تَفْسِيرٍ، أَيِ الصَّدَقَةُ الَّتِي (أَمَرَ اللَّهُ بِهَا) أَيْ بِتِلْكَ الصَّدَقَةِ (رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَفِيهِ إِرْشَادٌ إِلَى أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنَ الْأَوَّلِ لَمْ يَنْشَأْ عَنِ الِاجْتِهَادِ بَلْ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ لَهُ بِعَيْنِهِ، وَلَا يَدَعُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ الْإِجْمَالِيَّ بِالنَّصِّ، وَتَفْصِيلُ الْأُمُورِ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهِمَا، عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] وَكَانَ الطِّيبِيُّ لَاحَظَ هَذَا الْمَعْنَى وَفَسَّرَ قَوْلَهُ " فَرَضَ " بِقَوْلِهِ بَيَّنَ وَفَصَّلَ، وَغَفَلَ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ هَذِهِ النُّكْتَةِ فَخَلَطَ بَيْنَ التَّفْسِيرَيْنِ، حَيْثُ قَالَ: أَيْ أَوْجَبَهَا وَبَيَّنَهَا وَفَصَّلَهَا، ثُمَّ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ وَتَحْرِيرٍ وَتَقْرِيرٍ، فَإِذَا كَانَتِ الصَّدَقَةُ وَاجِبَةً بِأَمْرِ اللَّهِ وَمُبَيَّنَةً بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَمَنْ سُئِلَهَا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ طَلَبَهَا (مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا) حَالٌ مِنَ الْمَفْعُولِ الثَّانِي فِي سُئِلَهَا أَيْ كَائِنَةً عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ بِلَا تَعَدٍّ (فَلْيُعْطِهَا) لِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَمَنْ سُئِلَهَا فَوْقَهَا) أَيْ فَوْقَ حَقِّهَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ أَزْيَدَ مِنْ وَاجِبِهَا كَمِّيَّةً أَوْ كَيْفِيَّةً، وَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ إِجْمَاعِيَّةً إِجْمَالًا، لَا اجْتِهَادِيَّةً، فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ يَقْدُمُ السَّاعِي (فَلَا يُعْطَ) أَيْ شَيْئًا مِنَ الزِّيَادَةِ، أَوْ لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَى السَّاعِي، بَلْ إِلَى الْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَصِيرُ خَائِنًا فَتَسْقُطُ طَاعَتُهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُصَدِّقَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَظْلِمَ الْمُزَكِّي فَلَهُ أَنْ يَأْبَاهُ، وَلَا يَتَحَرَّى رِضَاهُ، وَدَلَّ حَدِيثُ جَرِيرٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: " «أَرْضُوا مُصَدِّقِيكُمْ، وَإِنْ ظُلِمْتُمْ» "، عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَأَجَابَ الطِّيبِيُّ بِأَنَّ أُولَئِكَ الْمُصَدِّقِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا ظَالِمِينَ، وَكَأَنَّ نِسْبَةَ الظُّلْمِ إِلَيْهِمْ عَلَى زَعْمِ الْمُزَكِّي أَوْ جَرَيَانٌ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ، وَهَذَا عَامٌّ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا. اهـ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الرُّخْصَةِ، وَالْجَوَازِ أَوِ الْأَوَّلَ إِذَا كَانَ يَخْشَى التُّهْمَةَ وَالْفِتْنَةَ، وَهَذَا عِنْدَ عَدَمِهِمَا، فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الدَّفْعِ عَنْ مَالِهِ إِذَا طُولِبَ بِغَيْرِ حَقِّهِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إِخْرَاجِ صَدَقَةِ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ بِنَفْسِهِ دُونَ الْإِمَامِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ وَالْحَاكِمَ إِذَا ظَهَرَ فِسْقُهُمَا بَطَلَ حُكْمُهُمَا. اهـ، وَفِي الْأَخِيرِ نَظَرٌ إِذْ لَا دَلَالَةَ فِيهِ أَكْثَرُ مِمَّا إِذَا طُلِبَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهِ لَا يُعْطِي الزَّائِدَ بَلْ يُعْطِي الْوَاجِبَ، وَهَذَا مُرِيحٌ فِي بَقَاءِ وِلَايَتِهِمَا، وَإِنْ فُسِّقَا بِطَلَبِ غَيْرِ الْوَاجِبِ (فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ) قَالَ الطِّيبِيُّ: اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ لِقَوْلِهِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذِهِ إِلَى مَا فِي الذِّهْنِ ثُمَّ أَتَى بِهِ بَيَانًا لَهُ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فِي أَرْبَعٍ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ لِيُعْطِ أَيِ الْوَاجِبَ أَوِ الْمَفْرُوضَ أَوِ الْمُعْطَى فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ (مِنَ الْإِبِلِ) تَمْيِيزٌ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: بَدَأَ بِهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ أَمْوَالَهُمْ أَوْ أَنْفُسَهَا (فَمَا دُونَهَا مِنَ الْغَنَمِ) بَيَانٌ لِلْأُمِّ فِي الْوَاجِبِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الَّذِي (مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ) أَيِ الْوَاجِبُ مِنَ الْغَنَمِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ إِبِلًا مَنْ كُلِّ خَمْسِ إِبِلٍ شَاةٌ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: (مِنَ) الْأُولَى ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِشَاةٍ تَوْكِيدًا، كَمَا فِي قَوْلِهِ: خِمْسُ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ، وَالثَّانِيَةُ لَغْوٌ ابْتِدَائِيَّةٌ مُتَّصِلَةٌ بِالْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ، أَيْ لِيُعْطِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ شَاةً، كَائِنَةً مِنَ الْغَنَمِ، لِأَجْلِ كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ، وَقِيلَ: مِنَ الْغَنَمِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيِ الصَّدَقَةُ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ مِنَ الْغَنَمِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُ بَيَانٍ لِلْجُمْلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: قَوْلُهُ مِنَ الْغَنَمِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ السَّكَنِ بِإِسْقَاطِ (مِنْ) ، وَصَوَّبَهَا بَعْضُهُمْ، وَقَالَ عِيَاضٌ: مَنْ أَثْبَتَهَا فَمَعْنَاهُ زَكَاتُهَا، أَيِ الْإِبِلُ مِنَ الْغَنَمِ وَ " مِنْ " لِلْبَيَانِ لَا لِلتَّبْعِيضِ، وَمَنْ حَذَفَهَا فَالْغَنَمُ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ مُضْمَرٌ فِي قَوْلِهِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ، وَإِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute