للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٠٥ - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ حَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: " «إِذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ» "، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

ــ

١٨٠٥ - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ (حَدَّثَ) أَيْ رَوَى وَأَخْبَرَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ إِذَا خَرَصْتُمْ) أَيْ خَمَّنْتُمْ أَيْ أَيُّهَا السُّعَاةُ (فَخُذُوا) أَيْ زَكَاةَ الْمَخْرُوصِ مِنْ آفَةٍ (وَدَعُوا) أَيِ اتْرُكُوا (الثُّلُثَ) بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِهِ أَيْ تَوْسِعَةً عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ وَلِجِيرَانِهِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: " فَخُذُوا " جَوَابٌ لِلشَّرْطِ، وَدَعُوا، عَطْفٌ عَلَيْهِ إِذَا خَرَصْتُمْ فَبَيِّنُوا مِقْدَارَ الزَّكَاةِ، ثُمَّ خُذُوا ثُلْثَيْ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ، وَاتْرُكُوا الثُّلُثَ لِصَاحِبِ الْمَالِ حَتَّى يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَفِي الْمَصَابِيحِ: حُذِفَ فَخُذُوا، وَجُعِلَ " فَدَعُوا " جَوَابًا لِعَدَمِ اللَّبْسِ، قَالَ الْقَاضِي: الْخِطَابُ مَعَ الْمُصَدِّقِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتْرُكُوا لِلْمَالِكِ ثُلُثَ مَا خَرَصُوا عَلَيْهِ أَوْ رُبُعَهُ تَوْسِعَةً عَلَيْهِ، حَتَّى يَتَصَدَّقَ بِهِ هُوَ عَلَى جِيرَانِهِ وَمَنْ يَمُرُّ بِهِ، وَيَطْلُبُ مِنْهُ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَغْرَمَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، وَهَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشَّافِعِيِّ وَعَامَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَعِنْدَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ لَا عِبْرَةَ بِالْخَرْصِ لِإِفْضَائِهِ إِلَى الرِّبَا، وَزَعَمُوا أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِيهِ كَانَتْ قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّبَا، وَيَرُدُّهُ حَدِيثُ عَتَّابٍ فَإِنَّهُ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَتَحْرِيمُ الرِّبَا كَانَ مُقَدَّمًا. اهـ، كَلَامُهُ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ الطَّوِيلُ فِي الصَّحِيحِ صَرِيحٌ بِأَنَّ تَحْرِيمَ الرِّبَا كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا أَخْذُ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ الْقَدِيمِ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: يَتْرُكُ السَّاعِي لَهُ نَخْلَةً أَوْ نَخْلَاتٍ يَأْكُلُهَا أَهْلُهُ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْقَدِيمِ، وَقَالَ: لَا يَتْرُكُ لَهُ شَيْئًا وَأَجَابَ عَنِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْمُرَادَ: دَعُوا لَهُ ذَلِكَ لِيُفَرِّقَهُ بِنَفْسِهِ عَلَى نَحْوِ أَقَارِبِهِ وَجِيرَانِهِمْ، لِطَمَعِهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْهُ (فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا) أَيْ لَهُ (الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَمَالِكٍ: لَا يُتْرَكُ شَيْءٌ مِنَ الزَّكَاةِ، وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ فِي يَهُودِ خَيْبَرَ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاقَاهُمْ عَلَى أَنَّ لَهُمْ نِصْفَ الثَّمَرَةِ، وَلِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِصْفَهَا، فَأَمَرَ الْخَارِصَ أَنْ يَتْرُكَ الثُّلُثَ أَوِ الرُّبُعَ مُسَلَّمًا لَهُمْ، وَيُقَسِّمَ الْبَاقِي نِصْفًا لَهُمْ وَنِصْفًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ) قَالَ مِيرَكُ: وَسَكَتَ عَلَيْهِ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ (وَالنَّسَائِيُّ) قَالَ مِيرَكُ: وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>