١٨٠٩ - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ أَتَتَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي أَيْدِيهِمَا سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهُمَا: " تُؤَدِّيَانِ زَكَاتَهُ؟ " قَالَتَا: لَا. فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَتُحِبَّانِ أَنْ يُسَوِّرَكُمَا اللَّهُ بِسِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟ " قَالَتَا: لَا، قَالَ: " فَأَدِّيَا زَكَاتَهُ» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَى الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ نَحْوَ هَذَا، وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ وَابْنُ لَهِيعَةَ يُضَعَّفَانِ فِي الْحَدِيثِ. وَلَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ.
ــ
١٨٠٩ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ امْرَأَتَيْنِ أَتَتَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي أَيْدِيهِمَا سِوَارَانِ) قَالَ الطِّيبِيُّ: الظَّاهِرُ أَسْوِرَةٌ لِجَمْعِ الْيَدِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ فِي يَدَيْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا سِوَارَيْنِ (مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهُمَا: تُؤَدِّيَانِ) أَيْ أَتُؤَدِّيَانِ (زَكَاتَهُ) أَيِ الذَّهَبَ أَوْ مَا ذَكَرَ مِنَ السِّوَارَيْنِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الضَّمِيرُ فِيهِ بِمَعْنَى اسْمِ الْإِشَارَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة: ٦٨] (قَالَتَا: لَا. فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَتُحِبَّانِ أَنْ يُسَوِّرَكُمَا اللَّهُ بِسِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟ قَالَتَا: لَا، قَالَ: فَأَدِّيَا زَكَاتَهُ) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحَلْيِ، قَالَ الْأَشْرَافُ: وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْمُرَادَ التَّطَوُّعُ، أَوِ الْمُرَادَ بِالزَّكَاةِ الْإِعَارَةُ. اهـ، وَهُمَا فِي غَايَةٍ مِنَ الْبُعْدِ إِذْ لَا وَعِيدَ فِي تَرْكِ التَّطَوُّعِ وَالْإِعَارَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِطْلَاقُ الزَّكَاةِ عَلَى الْعَارِيَةِ، لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، قَالَ: أَوْ لَعَلَّهُ كَانَ كَثِيرًا بِالْإِسْرَافِ، أَوْ لَعَلَّهُ كَانَ مُتَّخَذًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، قَدْ بَقِيَتْ فِيهِ زَكَاةٌ. اهـ، وَهُمَا أَبْعَدُ مِنَ الْأَوَّلِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالصَّدَقَةِ التَّطَوُّعُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْعِيدِ، فَإِنَّهُنَّ حِينَئِذٍ لَمْ يُخْرِجْنَ رُبْعَ الْعُشْرِ مِنَ الْحَلْيِ عَلَيْهِنَّ، بَلْ كُنَّ يَرْمِينَ مَا كَانَ عَلَيْهِنَّ مِنَ الْحَلْيِ فِي حِجْرِ بِلَالٍ. اهـ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُنَافِي صَدَقَةَ الْفَرْضِ، سَوَاءً كَانَتْ بِمِقْدَارِ الْفَرْضِ، أَوْ زَائِدًا عَلَيْهِ، قَالَ: وَلَئِنْ سَلِمَ (فَلَوْ) هُنَا لِلْمُبَالَغَةِ، أَيْ تَصَدَّقْنَ مِنْ كُلِّ مَا يَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ حَتَّى مِمَّا يَجِبُ فِيهِ مِنَ الْحَلْيِ، وَمِنْ ثَمَّ عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ " «فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ» " اهـ وَلَا يَخْفَى بُعْدُ مِثْلِ هَذَا فِي كَلَامِ الشَّارِعِ، وَهُوَ حَمْلُ " لَوْ " عَلَى الْمُبَالَغَةِ، وَلَا يُرَادُ بِهَا حَقِيقَتُهَا بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّ " لَوْ " هُنَا مِثْلُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» "، أَيِ اتَّقُوهَا بِمَا قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ قَلَّ كَشِقِّ تَمْرَةٍ، أَوْ كَثُرَ، وَيُؤَيِّدُهُ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ: " «فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ» "، وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ تَعْلِيلِ الطِّيبِيِّ بِهِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَى الْمُثَنَّى بْنُ صَبَّاحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شَيْبٍ نَحْوَ هَذَا) قَالَ الطِّيبِيُّ: وَضَعَ اسْمُ الْإِشَارَةِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ الرَّاجِعِ إِلَى الْحَدِيثِ، وَأَرَادَ بِنَحْوِ هَذَا مَعْنَاهُ (وَالْمُثَنَّى بْنُ صَبَّاحٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ يُضَعَّفَانِ فِي الْحَدِيثِ) قَالَ مِيرَكُ: أَوْرَدَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ هَذَا الْحَدِيثَ أَوَّلًا مِنْ طَرِيقِ قُتَيْبَةَ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ رَوَى الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ إِلَخْ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ وَجْهُ تَقْرِيبِ ذِكْرِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَتَضْعِيفِهِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْإِجْمَالُ وَالْإِغْلَاقُ فِي نَقْلِ صَاحِبِ الْمِشْكَاةِ (وَلَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ) قَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ: بَلْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، ذَكَرَهُ مِيرَكُ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: عِنْدَ قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي حُلِيِّهِمَا أَيِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ سَوَاءً كَانَ مُبَاحًا أَوْ لَا حَتَّى يَجِبَ أَنْ يَضُمَّ الْخَاتَمَ مِنَ الْفِضَّةِ، وَحِلْيَةَ السَّيْفِ، وَالْمُصْحَفِ، وَكُلَّ مَا انْطَلَقَ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَالْمَنْقُولَاتِ مِنَ الْعُمُومَاتِ وَالْخُصُوصَاتِ تُصَرِّحُ بِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيٍّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «هَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ» "، رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ، وَغَيْرُهُ كَثِيرٌ، وَمِنَ الْخُصُوصِيَّاتِ مَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ: «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا، وَفِي يَدِ بِنْتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: " أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟ " قَالَتْ: لَا، قَالَ: " أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟ " قَالَ: فَخَلَعَتْهُمَا فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: هُمَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ فِي كِتَابِهِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَقَالَ الْمُنْذِرُ فِي مُخْتَصَرِهِ: إِسْنَادُهُ لَا يُقَالُ فِيهِ، ثُمَّ بَيَّنَهُ رَجُلًا رَجُلًا، وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: أَتَتِ امْرَأَتَانِ. . فَسَاقَهُ، وَتَضْعِيفُ التِّرْمِذِيِّ وَقَوْلُهُ: " لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ " مُؤَوَّلٌ وَإِلَّا فَخَطَأٌ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: لَعَلَّ التِّرْمِذِيَّ قَصَدَ الطَّرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا، وَإِلَّا فَطَرِيقُ أَبِي دَاوُدَ لَا مَقَالَ فِيهَا، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ لِحَدِيثٍ إِلَى دَاوُدَ: وَبِهَذَا ضَعَّفَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ لِأَنَّ عِنْدَهُ فِيهِ ضَعِيفَيْنِ، ابْنُ لَهِيعَةَ، وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَاحِ، وَمِنْهُمَا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ قَالَ: «دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَى فِي يَدَيَّ فَتَخَاتِ وَرِقٍ، فَقَالَ: " مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ " فَقُلْتُ: صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لَكَ بِهِنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟ "، فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: " هُنَّ حَسْبُكِ مِنَ النَّارِ» "، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ الْحَدِيثَ كَمَا سَيَأْتِي، ثُمَّ قَالَ: وَفِي هَذَا الْمَطْلُوبِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَرْفُوعَةٌ، غَيْرَ أَنَّا اقْتَصَرْنَا مِنْهَا عَلَى مَا لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّتِهِ، وَالتَّأْوِيلَاتُ الْمَنْقُولَاتُ عَنِ الْمُخَالِفِينَ مِمَّا يَنْبَغِي صَوْنُ النَّفْسِ عَنْ إِحْضَارِهَا وَالِالْتِفَاتِ إِلَيْهَا، وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ مَا يُصَرِّحُ بِرَدِّهَا. اهـ، كَلَامُ الْمُحَقِّقِ مُلَخَّصًا، وَمِنْ جُمْلَةِ تَأْوِيلِهِمْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ أَنَّ الْحَلْيَ كَانَ مُحُرَّمًا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ، فَوَجَبَتْ زَكَاتُهُ حِينَئِذٍ لِتَحْرِيمِهِ، فَلَمَّا أُبِيحَ زَالَتْ زَكَاتُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute