للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٨ - وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْقَدَرِ وَلَا تُفَاتِحُوهُمْ» ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

١٠٨ - (وَعَنْ عُمَرَ) : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْقَدَرِ» ) : بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ: لَا تُوَادِدُوهُمْ، وَلَا تُحَابُوهُمْ، فَإِنَّ الْمُجَالَسَةَ وَنَحْوَهَا مِنَ الْمُمَاشَاةِ مِنْ عَلَامَاتِ الْمَحَبَّةِ وَأَمَارَاتِ الْمَوَدَّةِ، فَالْمَعْنَى لَا تُجَالِسُوهُمْ مُجَالَسَةَ تَأْنِيسٍ وَتَعْظِيمٍ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ إِمَّا أَنْ يَدْعُوَكَ إِلَى بِدْعَتِهِمْ بِمَا زَيَّنَهُ لَهُمْ شَيْطَانُهُمْ مِنَ الْحُجَجِ الْمُوهِمَةِ، وَالْأَدِلَّةِ الْمُزَخْرَفَةِ الَّتِي تَجْلِبُ مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ فِي الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ إِلَيْهِمْ بِبَادِيَ الرَّأْيِ، وَإِمَّا أَنْ يَعُودَ عَلَيْكُمْ مِنْ نَقْصِهِمْ وَسُوءِ عَمَلِهِمْ مَا يُؤَثِّرُ فِي قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ؛ إِذْ مُجَالَسَةُ الْأَغْيَارِ تَجُرُّ إِلَى غَايَةِ الْبَوَارِ وَنِهَايَةِ الْخَسَارِ. قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: ١١٩] وَلَا يُنَافِي إِطْلَاقُ الْحَدِيثِ تَقْيِيدَ الْآيَةِ فِي الْمُنَافِقِينَ حَيْثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: ١٤٠] وَكَذَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: ٦٨] فَلَمْ يَنْهَ عَنْ مُجَالَسَتِهِمْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُمْ؛ فَيُمْنَعُ عَنْ مُجَالَسَتِهِمْ مُطْلَقًا، وَالْآيَةُ عَلَى مَنْ أَمِنَ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي مُجَالَسَتِهِ لَهُمْ بِغَيْرِ التَّأْنِيسِ، وَالتَّعْظِيمِ مَا لَمْ يَكُونُوا فِي كَفْرٍ، وَبِدْعَةٍ، وَكَذَا إِذَا خَاضُوا وَقَصَدَ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ وَتَسْفِيهَ أَدِلَّتِهِمْ، وَمَعَ هَذَا؛ الْبُعْدُ عَنْهُمْ أَوْلَى، وَالِاجْتِنَابُ عَنْ مُبَاحَثَتِهِمْ أَحْرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>