للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩٤١ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ ; رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَتْلُوهُ ; رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ فِيهَا، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ ; رَجُلٌ يُسْأَلُ بِاللَّهِ وَلَا يُعْطِي بِهِ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ.

ــ

١٩٤١ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَلَا أُخْبِرُكُمْ ") يَحْتَمِلُ الِاسْتِفْهَامَ وَالتَّنْبِيهَ فِي الْإِعْلَامِ " بِخَيْرِ النَّاسِ " أَيْ بِمَنْ هُوَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ، إِذْ لَيْسَ الْغَازِي أَفْضَلَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ، مُطْلَقًا، وَكَذَلِكَ بِشَرِّ النَّاسِ إِذِ الْكَافِرُ شَرٌّ مِنْهُ؛ كَذَا قِيلَ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّاسِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ لِأَنَّهُمُ الْمَقْصُودُونَ مِنْهُمْ، وَمَعَ هَذَا فَلَا شَكَّ أَنَّ قَاتِلَ النَّاسِ شَرٌّ مِنْهُ، وَلَعَلَّ نُكْتَةَ الْإِطْلَاقِ الْمُبَالَغَةُ فِي الْحَثِّ عَلَى الْأَوَّلِ، وَالتَّحْذِيرُ عَنِ الثَّانِي " رَجُلٌ " بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ هُوَ، وَبِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ " مُمْسِكٌ " صِفَةُ رَجُلٍ أَيْ آخِذٌ " بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " أَيْ مُتَهَيِّئٌ لِلْقِتَالِ مَعَ أَعْدَاءِ اللَّهِ " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَتْلُوهُ " أَيْ يَتْبَعُهُ وَيَقْرُبُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ " رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ " بِالْوَجْهَيْنِ، أَيْ مُتَبَاعِدٌ عَنِ النَّاسِ مُنْفَرِدٌ عَنْهُمْ، إِلَى مَوْضِعٍ خَالٍ مِنَ الْبَوَادِي أَوِ الصَّحَارِي " فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ " أَيْ مَثَلًا، وَهُوَ تَصْغِيرُ غَنَمٍ بِمَعْنَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ " «يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ فِيهَا، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ ; رَجُلٌ يُسْأَلُ» " مِنْهُ، عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ أَيْ يُطْلَبُ " بِاللَّهِ " أَيْ بِالْقَسَمِ بِهِ بِأَنْ يَقُولَ الْفَقِيرُ لِشَخْصٍ: أَعْطِنِي بِاللَّهِ " وَلَا يُعْطِي " عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيِ الرَّجُلُ الْمَسْئُولُ مِنْهُ " بِهِ " أَيْ بِاللَّهِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: يَسْأَلُ بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ وَلَا يُعْطَى بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ أَيْ يَسْأَلُ مَالَكَ لِنَفْسِهِ بِاللَّهِ وَلَا يُعْطَى بِاللَّهِ إِذَا سَأَلَ بِهِ اهـ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَتَأَمَّلْ. نَعَمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلَانِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَيُقَدَّرُ الْمَوْصُولُ فِي الثَّانِي، فَيَكُونُ الْمَعْنَى شَرُّ النَّاسِ مَنْ يَسْأَلُ بِاللَّهِ أَيْ بِالْيَمِينِ وَالْإِلْحَاحِ لِأَنَّهُ إِيقَاعٌ لِلنَّاسِ فِي الْحَرَجِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يُعْطَى بِسَبَبِ الْحَيَاءِ فَيَكُونُ أَخْذُهُ حَرَامًا، وَمَنْ لَا يُعْطِي بِاللَّهِ أَيْ بِالْقَسَمِ وَالْحَلِفِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَسْئُولِ، حَيْثُ تَرَكَ تَعْظِيمَ اللَّهِ - تَعَالَى، وَعَدَلَ عَنِ التَّرَحُّمِ عَلَى الْفَقِيرِ الظَّاهِرِ مِنْ حَالِهِ الِاضْطِرَارُ وَالِافْتِقَارُ الْمُلْجِئُ إِلَى الْيَمِينِ، سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْمَسْئُولُ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَالصَّدَقَةُ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) أَيْ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، ذَكَرَهُ مِيرَكُ (وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>