للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩٤٣ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنِ اسْتَعَاذَ مِنْكُمْ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوهُ فَادْعُوا لَهُ، حَتَّى تُرَوْا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.

ــ

١٩٤٣ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَنِ اسْتَعَاذَ ") أَيْ مَنْ سَأَلَ مِنْكُمُ الْإِعَاذَةَ مُسْتَغِيثًا " بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ " قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ مَنِ اسْتَعَاذَ بِكُمْ وَطَلَبَ مِنْكُمْ دَفْعَ شَرِّكُمْ أَوْ شَرِّ غَيْرِكُمْ عَنْهُ، قَائِلًا: بِاللَّهِ عَلَيْكَ أَنْ تَدْفَعَ عَنِّي شَرَّكَ، فَأَجِيبُوهُ وَادْفَعُوا عَنْهُ الشَّرَّ، تَعْظِيمًا لِاسْمِ اللَّهِ - تَعَالَى، فَالتَّقْدِيرُ مَنِ اسْتَعَاذَ مِنْكُمْ مُتَوَسِّلًا بِاللَّهِ مُسْتَعْطِفًا بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ صِلَةَ اسْتَعَاذَ، أَيْ مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَلَا تَتَعَرَّضُوا لَهُ، بَلْ أَعِيذُوهُ وَادْفَعُوا عَنْهُ، فَوُضِعَ أَعِيذُوا مَوْضِعَ ادْفَعُوا وَلَا تَتَعَرَّضُوا مُبَالَغَةً " «وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ» " أَيْ تَعْظِيمٌ لِاسْمِ اللَّهِ وَشَفَقَةٌ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ " وَمَنْ دَعَاكُمْ " أَيْ إِلَى دَعْوَةٍ " فَأَجِيبُوهُ " أَيْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ " «وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا» " أَيْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ إِحْسَانًا قَوْلِيًّا أَوْ فِعْلِيًّا " فَكَافِئُوهُ " مِنَ الْمُكَافَأَةِ أَيْ أَحْسِنُوا إِلَيْهِ مِثْلَ مَا أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ، لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ - وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص: ٦٠ - ٧٧] " فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوهُ " أَيْ بِالْمَالِ، وَالْأَصْلُ تُكَافِئُونَ فَسَقَطَ النُّونُ بِلَا نَاصِبٍ وَجَازِمٍ إِمَّا تَخْفِيفًا أَوْ سَهْوًا مِنَ النَّاسِخِينَ، كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ عَلَى الْحِفْظِ مُعَوَّلٌ، وَنَظِيرُهُ: كَمَا تَكُونُو يُوَلَّ عَلَيْكُمْ، عَلَى مَا رَوَاهُ الدَّيْلَمَيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنْ أَبِي بَكَرَةَ " فَادْعُوا لَهُ " أَيْ لِلْمُحْسِنِ يَعْنِي فَكَافِئُوهُ بِالدُّعَاءِ لَهُ " حَتَّى تُرَوْا " بِضَمِّ التَّاءِ أَيْ تَظُنُّوا وَبِفَتْحِهَا أَيْ تَعْلَمُوا أَوْ تَحْسَبُوا " أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ " أَيْ كَرِّرُوا الدُّعَاءَ حَتَّى تَظُنُّوا قَدْ أَدَّيْتُمْ حَقَّهُ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَقَدْ جَاءَ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ " «مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ» "، قُلْتُ: رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ أُسَامَةَ مَرْفُوعًا، قَالَ: فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِأَحَدٍ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَدْ أَدَّى الْعِوَضَ، وَإِنْ كَانَ حَقُّهُ كَثِيرًا، وَكَانَتْ عَادَةُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - إِذَا دَعَا لَهَا السَّائِلُ تُجِيبُهُ بِمِثْلِ مَا يَدْعُو لَهَا ثُمَّ تُعْطِيهِ مِنَ الْمَالِ، فَقِيلَ لَهَا: تُعْطِينَ السَّائِلَ الْمَالَ وَتَدْعِينَ بِمِثْلِ مَا يَدْعُو لَكِ، فَقَالَتْ: لَوْ لَمْ أَدْعُ لَهُ لَكَانَ حَقُّهُ بِالدُّعَاءِ لِي عَلَى أَكْثَرَ مِنْ حَقِّي عَلَيْهِ بِالصَّدَقَةِ، فَأَدْعُو لَهُ بِمِثْلِ مَا يَدْعُو لِي حَتَّى أُكَافِئَ دُعَاءَهُ لِتَخْلُصَ لِيَ الصَّدَقَةُ (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>