للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْمَعْنَى؟ قُلْنَا: لِأَنَّهُ ذُكِرَ عَلَى سَبِيلِ الْمَنِّ عَلَى الصُّوَّامِ وَإِتْمَامِ النِّعْمَةِ عَلَيْهِمْ فِيمَا أُمِرُوا بِهِ وَنُدِبُوا إِلَيْهِ، حَتَّى صَارَ الْجِنَانُ فِي هَذَا الشَّهْرِ كَأَنَّ أَبْوَابَهَا فُتِحَتْ، وَنَعِيمَهَا أُبِيحَتْ، وَالنِّيرَانَ كَأَنَّ أَبَوَابَهَا غُلِّقَتْ وَأَنْكَالَهَا عُطِّلَتْ، وَإِذَا ذَهَبْنَا فِيهِ إِلَى الظَّاهِرِ لَمْ يَقَعِ الْمَنُّ مَوْقِعَهُ، وَيَخْلُو عَنِ الْفَائِدَةِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَا دَامَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ غَيْرُ مُيَسَّرٍ لِدُخُولِ إِحْدَى الدَّارَيْنِ، وَجَوَّزَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْوَجْهَيْنِ فِي فَتْحِ أَبْوَابِ السَّمَاءِ، وَتَغْلِيقِ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، أَعْنِي الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ، أَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فَائِدَةُ الْفَتْحِ تَوْفِيقَ الْمَلَائِكَةِ عَلَى اسْتِحْمَادِ فِعْلِ الصَّائِمِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ بِمَنْزِلَةٍ عَظِيمَةٍ، وَأَيْضًا إِذَا عَلِمَ الْمُكَلَّفُ الْمُعْتَقِدُ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ الصَّادِقِ يَزِيدُ فِي نَشَاطٍ وَيَتَلَقَّاهُ بِأَرْيَحِيَّتِهِ، وَيَنْصُرُهُ حَدِيثُ عُمَرَ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ: «إِنَّ الْجَنَّةَ تَزَخْرَفَتْ لِرَمَضَانَ» . الْحَدِيثَ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ " «وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ» " أَيْ قُيِّدَتْ بِالسَّلَاسِلِ مَرَدَتُهُمْ، وَقِيلَ: كِنَايَةٌ عَنِ امْتِنَاعِ تَسْوِيلِ النُّفُوسِ، وَاسْتِعْصَائِهَا عَنْ قَبُولِ وَسَاوِسِهِمْ، إِذْ بِالصَّوْمِ تَنْكَسِرُ الْقُوَّةُ الْحَيَوَانِيَّةُ الَّتِي هِيَ مَبْدَأُ الْغَضَبِ وَالشَّهَوَاتِ الدَّاعِيَيْنِ إِلَى أَنْوَاعِ السَّيِّئَاتِ، وَتَنْبَعِثُ الْقُوَّةُ الْعَقْلِيَّةُ الْمَائِلَةُ إِلَى الطَّاعَاتِ، كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ أَنَّ رَمَضَانَ أَقَلُّ الشُّهُورِ مَعْصِيَةً، وَأَكْثَرُهَا عِبَادَةً (وَفِي رِوَايَةٍ: " «فُتِحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ» ") أَيْ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ إِلَى آخِرِهِ؛ قَالَهُ الطِّيبِيُّ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ مِيرَكُ: إِلَّا رِوَايَةَ " أَبْوَابُ السَّمَاءِ " فَإِنَّهَا مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ، وَإِلَّا رِوَايَةَ " أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ " فَإِنَّهَا مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ، وَالرِّوَايَةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا ; فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَرَوَاهَا النَّسَائِيُّ اهـ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: قِيلَ: الْأَصْلُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَالرِّوَايَتَانِ الْأُخْرَيَانِ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ، تَمَّ كَلَامُهُ، فَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَجْعَلَ الرِّوَايَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا أَصْلًا، ثُمَّ يَقُولَ: وَفِي رِوَايَةٍ: فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَفِي رِوَايَةٍ: فُتِحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، ثُمَّ يَذْكُرَ: «وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>