للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَيْنَ النَّاسِ فَيَتَوَهَّمُونَ أَنَّهُ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ، فَلِذَلِكَ يَصُومُ فَيُوَافِقُهُ بَعْضُ النَّاسِ إِلَى ظَنِّ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ، ثُمَّ هَذَا النَّهْيُ فِي النَّفْلِ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ وَالنَّذْرُ فَفِيهِمَا ضَرُورَةٌ لِأَنَّهُمَا فَرْضٌ، وَتَأْخِيرُهُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ، وَأَمَّا الْوِرْدُ فَتَرْكُهُ لَيْسَ بِسَدِيدٍ لِأَنَّ أَفْضَلَ الْعِبَادَاتِ أَدَوَمُهَا، وَتَرْكُهُ عِنْدَ مَنْ أَلِفَ بِهِ شَدِيدٌ، وَقِيلَ: الْعِلَّةُ لُزُومُ التَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَيَّدَ الصَّوْمَ بِالرُّؤْيَةِ فَهُوَ كَالْعِلَّةِ لِلْحُكْمِ، أَقُولُ: وَكَذَا قَالَ - تَعَالَى - {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥] فَقَالَ: فَمَنْ تَقَدَّمَ صَوْمَهُ فَقَدْ طَعَنَ فِي هَذِهِ الْعِلَّةِ، أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَكَأَنَّهُ حَاوَلَ الطَّعْنَ، قَالَ: وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ» " اهـ، يَعْنِي إِذَا صَامَ بِنِيَّةِ رَمَضَانَ أَوْ بِنِيَّةٍ عَلَى طَرِيقِ التَّرْدِيدِ بِأَنْ يَنْوِيَ إِنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَأَنَا صَائِمٌ عَنْهُ، وَإِلَّا فَعَنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُتَقَدِّمًا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَأَمَّا إِذَا صَامَ نَفْلًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الْوَعِيدِ، وَلَا فِي النَّهْيِ الْأَكِيدِ، وَيُومِئُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ " لَا يَتَقَدَّمَنَّ " عَلَى أَنَّ حَدِيثَ " مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " إِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إِذَا تَقَدَّمَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ النَّهْيِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: رَوَاهُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>