للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٥ - «وَعَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ، فَحَدِّثْنِي لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَهُ مِنْ قَلْبِي. فَقَالَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وأَهْلَ أَرْضِهِ؟ عَذَّبَهُمْ، وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ. وَلَوْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا لَدَخَلْتَ النَّارَ. قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ ثُمَّ أَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. ثُمَّ أَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَحَدَّثَنِي عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ ذَلِكَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

١١٥ - (وَعَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) : هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ: أَبُو الضَّحَّاكِ فَيْرُوزُ الدَّيْلَمِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ الْحِمْيَرِيُّ؛ لِنُزُولِهِ فِي حِمْيَرَ، وَهُوَ مِنْ أَبْنَاءِ الْفُرْسِ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ كِسْرَى إِلَى الْيَمَنِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ: وَمِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ مَنْ يَقُولُ: فَيْرُوزُ بْنُ الدَّيْلَمِيِّ، وَهُوَ وَاحِدٌ. وَفِدَ فَيْرُوزُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ قَاتِلُ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ الْكَذَّابِ الْمُدَّعِي لِلنُّبُوَّةِ، قَتَلَهُ فِي آخِرِ حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَوَصَلَ خَبَرُ قَتْلِهِ إِيَّاهُ إِلَيْهِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «قَتَلَهُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَيْرُوزُ، فَازَ فَيْرُوزُ، فَازَ فَيْرُوزُ» ، وَيُقَالُ: إِنَّ فَيْرُوزَ ابْنَ أُخْتِ النَّجَاشِيِّ، رَوَى عَنِ ابْنِ الضَّحَّاكِ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَغَيْرِهِمَا، تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَقِيلَ: فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ كَذَا فِي " تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ ". قَالَ مِيرَكُ شَاهْ: هَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ هُوَ فَيْرُوزُ الدَّيْلَمِيُّ، بَلِ الْمُرَادُ ابْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ مَقْبُولٌ مِنْ أَوْسَاطِ التَّابِعِينَ، وَأَبُوهُ مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ، وَلَهُ أَحَادِيثُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ فَيْرُوزَ أَخَا الضَّحَّاكِ، وَهُوَ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَةِ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ عِنْدِي أَظْهَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي أَسْمَاءِ الرِّجَالِ لِلْمِشْكَاةِ ابْنَ الدَّيْلَمِيِّ هُوَ: الضَّحَّاكُ بْنُ فَيْرُوزَ؛ تَابِعِيٌّ حَدِيثُهُ فِي الْمِصْرِيِّينَ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وَالدَّيْلَمِيُّ بِفَتْحِ الدَّالِ مَنْسُوبٌ إِلَى الدَّيْلَمَ، هُوَ الْجَبَلُ الْمَعْرُوفُ بَيْنَ النَّاسِ، وَفَيْرُوزُ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَسُكُونِ الْيَاءِ تَحْتَهَا نُقْطَتَانِ، وَضَمِّ الرَّاءِ، وَبِالزَّايِ: (قَالَ: أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ) : أَقْرَأَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: هُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الْأَكْبَرُ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ، كَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَحْيَ، وَهُوَ أَحَدُ السِّتَّةِ الَّذِينَ حَفِظُوا الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَنَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا الْمُنْذِرِ، وَعُمَرُ أَبَا الطُّفَيْلِ، وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيِّدَ الْأَنْصَارِ، وَعُمَرُ سَيِّدَ الْمُسْلِمِينَ، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ تِسْعَةَ عَشَرَ، رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ. (فَقُلْتُ لَهُ) : بِحُكْمِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] (وَقَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ) أَيْ: حَزَازَةٌ، وَاضْطِرَابٌ عَظِيمٌ مِنْ جِهَةِ أَمْرِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ بِاعْتِبَارِ الْعَقْلِ لَا بِمُوجِبِ النَّقْلِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ؛ أَيْ: مِنْ بَعْضِ شُبَهِ الْقَدَرِ الَّتِي رُبَّمَا تُؤَدِّي إِلَى الشَّكِّ فِيهِ كَاعْتِقَادِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَخْلُقُ فِعْلَ نَفْسِهِ كَمَا قَالَتْهُ الْمُعْتَزِلَةُ، أَوْ أَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْفِعْلِ كَمَا قَالَتْهُ الْجَبْرِيَّةُ فَكَيْفَ يُعَذَّبُ، وَأَنَا أُرِيدُ الْخَلَاصَ مِنْهُ أَيْ: مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>