للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٠١ - وَعَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٢٠٠١ - (وَعَنْهَا) أَيْ عَنْ عَائِشَةَ (قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ) أَيِ الصُّبْحُ (فِي رَمَضَانَ) أَيْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ (وَهُوَ جُنُبٌ) سُمِّيَ بِهِ لِكَوْنِ الْجَنَابَةِ سَبَبًا لِتَجَنُّبِ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِمَا فِي حُكْمِ الشَّرْعِ، وَذَلِكَ بِإِنْزَالِ الْمَاءِ أَوْ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، وَفِي مَعْنَاهُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ (مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَيُضَمُّ، وَهُوَ صِفَةٌ مُمَيِّزَةٌ أَيْ مِنْ غَيْرِ احْتِلَامٍ بَلْ مِنْ جِمَاعٍ، فَإِنَّ الثَّانِي أَمْرٌ اخْتِيَارِيٌّ فَيُعْرَفُ حُكْمُ الْأَوَّلِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، بَلْ وَلَوْ وَقَعَ الِاحْتِلَامُ فِي حَالِ الصِّيَامِ لَا يَضُرُّ مَعَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سَالِمُونَ مِنِ الِاحْتِلَامِ لِأَنَّهُ عَلَامَةُ تَأَتِّي الشَّيْطَانِ فِي حَالِ الْمَنَامِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَإِنَّمَا احْتَاجَتْ عَائِشَةُ لِقَوْلِهَا مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ مَعَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَحْتَلِمُونَ لِأَنَّ هَذَا النَّفْيَ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ لَا يَحْتَلِمُونَ بِرُؤْيَةِ جِمَاعٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ بِالنَّائِمِ وَهُمْ مَعْصُومُونَ عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا الِاحْتِلَامُ بِمَعْنَى نُزُولِ الْمَنِيِّ فِي النَّوْمِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ وِقَاعٍ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ يَنْشَأُ عَنْ نَحْوِ امْتِلَاءِ الْبَدَنِ فَهُوَ مِنَ الْأُمُورِ الْخِلْقِيَّةِ أَوِ الْعَادِيَّةِ الَّتِي يَسْتَوِي فِيهَا الْأَنْبِيَاءُ وَغَيْرُهُمْ، وَفِيهِ أَنَّ الِاحْتِمَالَ غَيْرُ مُفِيدٍ فِي مَوْضِعِ الِاسْتِدْلَالِ (فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ) ظَاهِرُ الْحَدِيثِ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ: مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا اغْتَسَلَ وَأَتَمَّ صَوْمَهُ، وَقِيلَ: يَبْطُلُ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: يُبْطِلُ الْفَرْضَ دُونَ النَّفْلِ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ شَرْحِ السُّنَّةِ، وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: ١٨٧] الْآيَةِ: فِي تَجْوِيزِ الْمُبَاشَرَةِ إِلَى الصُّبْحِ الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الْغُسْلِ إِلَيْهِ وَصِحَّةُ صَوْمِ الْمُصْبِحِ جُنُبًا، قَالَ الطِّيبِيُّ: لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ إِذَا كَانَتْ مُبَاحَةً إِلَى الِانْفِجَارِ لَمْ يُمْكِنْهُ الِاغْتِسَالُ إِلَّا بَعْدَ الصُّبْحِ اهـ وَقَالَ جَمْعٌ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ لَكِنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ: يَجِبُ الْغُسْلُ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْفَجْرِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ: مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلَا صَوْمَ لَهُ، وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَصْبَحَ مُجَامِعًا وَاسْتَدَامَ الْجِمَاعَ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>