للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٠٩ - وَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَا أُحْصِي يَتَسَوَّكُ وَهُوَ صَائِمٌ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ.

ــ

٢٠٠٩ - (وَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَا أُحْصِي) أَيْ مِقْدَارًا لَا أَقْدِرُ عَلَى إِحْصَائِهِ وَعَدِّهِ لِكَثْرَتِهِ وَقَوْلُهُ (يَتَسَوَّكُ) مَفْعُولٌ ثَانٍ لِأَنَّهُ خَبَرٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَمَا مَوْصُولَةٌ، وَلَا أُحْصِي صِفَتُهَا وَهِيَ ظَرْفٌ لِ (يَتَسَوَّكُ) أَيْ يَتَسَوَّكُ مَرَّاتٍ لَا أَقْدِرُ عَلَى عَدِّهَا، قَالَهُ الطِّيبِيُّ، قَالَ مِيرَكُ: وَلَعَلَّهُ حَمَلَ الرُّؤْيَةَ عَلَى مَعْنَى الْعِلْمِ فَجَعَلَ (يَتَسَوَّكُ) مَفْعُولًا ثَانِيًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْإِبْصَارِ، وَيَتَسَوَّكُ حِينَئِذٍ حَالٌ وَقَوْلُهُ (وَهُوَ صَائِمٌ) حَالٌ أَيْضًا إِمَّا مُتَرَادِفَةٌ وَإِمَّا مُتَدَاخِلَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَقُولُ: هَذَا الِاحْتِمَالُ أَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ الْمَقَالِ، وَالتَّدَاخُلُ مُتَعَيِّنٌ فِي الْحَالِ، قَالَ الْمُظْهِرُ: لَا يَضُرُّ السِّوَاكُ لِلصَّائِمِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ، بَلْ هُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ مُطَهِّرٌ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يُكْرَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّ خُلُوفَ الصَّائِمِ أَثَرُ الْعِبَادَةِ، وَالْخُلُوفُ يَظْهَرُ عِنْدَ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ مِنَ الطَّعَامِ، وَخُلُوُّ الْمَعِدَةِ يَكُونُ عِنْدَ الزَّوَالِ غَالِبًا، وَإِزَالَةُ أَثَرِ الْعِبَادَةِ مَكْرُوهٌ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، قَالَ الشُّمُنِّيُّ: لَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ اسْتِعْمَالُ السِّوَاكِ سَوَاءٌ كَانَ رَطْبًا أَوْ مَبْلُولًا قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُكْرَهُ بِالرُّطَبِ وَالْمَبْلُولِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُكْرَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّ فِيهِ إِزَالَةَ الْخُلُوفِ الْمَحْمُودِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» "، وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مِنْ خَيْرِ خِصَالِ الصَّائِمِ السِّوَاكُ» " وَالْخُلُوفُ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى الصَّحِيحِ تَغَيُّرُ رَائِحَةِ الْفَمِ مِنْ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ وَذَلِكَ لَا يُزَالُ بِالسِّوَاكِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: بَلْ إِنَّمَا يُزِيلُ أَثَرَهُ الظَّاهِرَ عَنِ السِّنِّ مِنَ الِاصْفِرَارِ وَهَذَا لِأَنَّ سَبَبَ الْخُلُوفِ خُلُوُّ الْمَعِدَةِ مِنَ الطَّعَامِ، وَالسِّوَاكُ لَا يُفِيدُ شَغْلَهَا بِطَعَامٍ لِيَرْتَفِعَ السَّبَبُ، وَلِهَذَا رُوِيَ عَنْ مُعَاذٍ مِثْلُ مَا قُلْنَا، رَوَى الطَّبَرَانِيُّ «عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ قَالَ: سَأَلْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَتَسَوَّكُ وَأَنَا صَائِمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَيَّ النَّهَارِ أَتَسَوَّكُ؟ قَالَ: أَيَّ النَّهَارِ شِئْتَ، غَدْوَةً وَعَشِيَّةً، قُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَهُ عَشِيَّةً، وَيَقُولُونَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ "، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>